تلويح

عبد الناصر ميرغني

:: كاتب نشـــط::
تلويح

حين تغادر يا عصفوري
في الفجر وحيدا
تهرب من قدميك الخطوات..
شريدا
عنوانا يشتاق إلى الغرباء
إلى كف ترتج على باب محني
كضلوع المسلول
وتحلم
بالعتبات المغسولة بالأمطار
وبالأشجار المثقلة الأغصان
بمسبحة
من قطرات الدمع المسفوح
على ثلج وردي
بالسفن المسجية في القاع النهر
وكوخ
مخفي في عمق الغابات..
وتمضي لا شيء على شفتيك
سوى أشلاء من لحن مكسور
تمضي تتضاءل
محض شفاه تأكلها الكلمات..
وحين تحط على كفي الممدودة
إحدى دمعاتك لؤلؤة
وأنا ما زلت عقيما
في فك طلاسم ألغاز الدمعات..
أزوي
تتفجر أسئلتي
تتبعثر مثل بطاقات كالحة
تتقاذفها الريح العرجاء..
***
حين تغادر يا عصفوري
مسروقا من أحلامك
من أحزانك
من حس اللمس لديك
ومن رائحة الأزهار المبتلة بالدمع
من الماضي المتكور في اللحظة
في بوتقة الإحراق
وتمضي..
مختزنا في ذراتك
هذا الكم من الحزن المتجدد
يتوالد مثل رمال الصحراء..
وحيدا..
تمضي ليس لديك سوى
بعض بقايا من أظفار
كي تحفر هوة ما بعد الآن
تتفجر أسئلتي
تتبعثر مثل بطاقات كالحة
تتقاذفها الريح العرجاء..
***
حين تغادر يا عصفوري
تتأبط بعض أكاذيبك
باهتة
كرماد لزهور
أحرقها قحط الموسم
أسقط عنها كل بريق الآمال
وكل الأحلام
تشهرها مثل كتاب
يحكي عن جذر الأحلام
وتتركني وحدي
كي أحفر في الصخر مواعيدي
أكتبها فوق سطور الماء
وتسقط
ما من سنبلة
إلا سال دمي يسقيها
كي يحصدها ذات مساء ملعون
فأس مجهول أو إعصار مجنون..
ما من مطر ينتظر
لأعقد من لؤلؤه مسبحة الصبر
وهذي الصحراء
تحاصر بالقحط تسابيحي
والصلوات..
تقضمها واحدة تلو الأخرى
وأظل عقيما
أضفر من كلماتي باقات أطفالا
فيصادرهم شبق المنحدرات..
ووهم التتويج
وأمضي أتضاءل
محض شفاه تأكلها الكلمات..
تتفجر أسئلتي
تتبعثر
مثل بطاقات كالحة
تتقاذفها الريح العرجاء..
 
أعلى أسفل