هل يكون السودان بداية تقسيم المقسم ..؟

المكابرابي

:: كاتب نشـــط::
هل يكون السودان بداية تقسيم المقسم ..؟
أحمد الهواس



إن تقسيم السودان عبر استفتاء شارك في صيغته النهائية القوى الكبرى الطامعة في السودان , لم يأت بناء على رغبة حكومة السودان بإنهاء القتال الذي كلف السودان وشعبه الكثير , بل جاء نتيجة تفاقم أزمات السودان مع تفجر قضية دارفور التي لم تكن في حسابات الحكومة السودانية , فكانت اتفاقية نيفاشا التي أعلنت انفصال الجنوب مع وقت تنفيذ معلوم وليس مع وقف التنفيذ ..
وقد يرى عدد من المراقبين أن حل الانفصال سيسهم في حل قضية صبغتها الدماء طيلة السنوات الثلاثين الماضية , ولكن من حق من حمل السلاح , ومن فقد عزيزا , ومن عانى العوز الاقتصادي في السودان أن يسأل : إلى ماذا انتهت حرب الجهاد التي أعلنت في السودان ضد التمرد الجنوبي ..؟
ولأن التاريخ لا يعود إلى الوراء , فسيكون لسان حال العرب في نكساتهم وخيباتهم في التاسع من يناير 2011 انفصل جنوب السودان بعد أن كان جزءا من دولة السودان وبما تحتوي أرضه من خيرات ..! ولعل تاريخ التاسع بات يشكل معلما في هزائم العرب ففي التاسع من نيسان أبريل سقطت بغداد تحت احتلال انكلوأمريكي قادما من أراض عربية ومياه عربية وسماء عربية ..وسنجد في كتب التاريخ العربية القادمة أسبابا مباشرة وغير مباشرة أدت لانفصال الجنوب , ولكننا بكل ما نملك من تبريرات واهية , وعقدة المؤامرة التي تسيطر على عقولنا , إلا أننا لا نستطيع أن نقول الحقيقة عن سؤال بات يؤرق العرب جميعا ( لماذا يهدد شبح التقسيم بلادنا المقسمة أصلا..؟)
لقد أثبتت الأيام أن جل البلاد العربية باتت تربة صالحة للعطاء العكسي أو العطاء المضاد لمفهوم المواطنة , ففي بلادنا العربية تنتشر الآن الفتن الطائفية المخفي منها والمعلن , والفتن الدينية , والأثنية , وقريبا جدا النزاعات القبلية ..
فبعد مرور عقود على استقلال البلاد العربية تجد قواسم مشتركة بينها الغنية منها والفقيرة , غياب الحريات والقمع , والبطالة والفساد وضعف التنمية , كل هذه العوامل ساهمت في قبول الأقليات لفكرة التقسيم أو أن تكون جزءا من مشروع التقسيم الجديد , فبلد مثل السودان وقبل تفجر البترول فيه ما الذي كان يمنع الحكومات المتعاقبة على غرس مبدأ المواطنة وتداول السلطة واستغلال ثروات بلد يعد سلة غذاء العالم وليس العالم العربي , وأحد أهم وأغنى بقاع الأرض بالمياه والأراضي الصالحة للزراعة , والثروة الحيواتية الهائلة ..؟
ولعل سؤالا آخر أعم وأشمل يشكل لغزا لكل عربي :
لماذا لم تستثمر الأموال العربية الهائلة في السودان ..؟
وسيأتي بعد السؤال ألف سؤال ..ماذا أفاد العرب من ثرواتهم , وأين هي الدولة العربية النموذج والمثال في التنمية , والتقدم , و الديمقراطية , ومبدأ تداول السلطة ..؟
إن خطر التقسيم على البلاد العربية بات حقيقة , ولكنه ليس الموت الذي لا فرار منه ..! فما حدث في السودان مرشح للحدوث في اليمن , والعراق , وبلاد مختلفة , و مازالت الحلول بيد العرب , ولكن إن انتقلت ليد غيرهم سنرى اتفاقات على شاكلة نيفاشا تؤسس لفصل أجزاء من دول عربية وتشكيل دويلات جديدة , فما حدث في السودان سيكون بمثابة بالون اختبار ليس أكثر , وقد تكون الأيام أو السنوات القلائل المقبلة مشهدا لانفصال الغرب السوداني , فإذا كانت الحكومة السودانية قد قبلت بتقاسم السلطة مع قادة متمردي الجنوب ومن ثم إجراء استفتاء حول الانفصال بعد مشاكل دارفور وظنها أنها خرجت من عنق الزجاجة , فإن ما جاء بعدها من تطورات جعلت الحكومة السودانية تدخل في نفق مظلم , ولعل مذكرة إيقاف الرئيس البشير بذريعة ارتكاب جرائم حرب ضد سكان دارفور قد سرعت بتقبل الحكومة السودانية لفكرة انفصال الجنوب لعلها تشكل صفقة ترضي الإدارة الأمريكية , لكنها لن تؤسس لعلاقات جيدة بين الخرطوم وواشنطن كما يظن المسؤولون السودانيون , فلقد سبق للعراق أن وافق على كل طلبات أمريكا بشأن التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل , وفتح القصور الرئاسية , وبات النفط مقابل الغذاء , وواردات العراق النفطية توضع في صندوق بدار من قبل الأمين العام للأمم المتحدة ... وكل هذا لم يشفع للقيادة العراقية , فكان الغزو والدمار , ومن ثم إعدام الرئيس وجل أعضاء قيادته , وإغراق العراق بفوضى عارمة أدت الآن لدعوات انفصالية يتزعهما الأكراد .
كاتب وإعلامي سوري مقيم في القاهرة
 
[frame="10 98"]الحكومة السودانية تدخل في نفق مظلم , ولعل مذكرة إيقاف الرئيس البشير بذريعة ارتكاب جرائم حرب ضد سكان دارفور قد سرعت بتقبل الحكومة السودانية لفكرة انفصال الجنوب لعلها تشكل صفقة ترضي الإدارة الأمريكية , لكنها لن تؤسس لعلاقات جيدة بين الخرطوم وواشنطن كما يظن المسؤولون السودانيون , فلقد سبق للعراق أن وافق على كل طلبات أمريكا بشأن التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل , وفتح القصور الرئاسية , وبات النفط مقابل الغذاء , وواردات العراق النفطية توضع في صندوق بدار من قبل الأمين العام للأمم المتحدة ... وكل هذا لم يشفع للقيادة العراقية , فكان الغزو والدمار , ومن ثم إعدام الرئيس وجل أعضاء قيادته , وإغراق العراق بفوضى عارمة أدت الآن لدعوات انفصالية يتزعهما الأكراد[/frame]
 
أعلى أسفل