هكذا تبدو الأشياء لمن يفتقدها

AbulazizBallaTmnzoleen

كاتب جديد
هكذا تبدو الأشياء لمن يفتقدها
عبدالعزيز بله تمن زولين ــــــــــــــــ
كان فر حاً يدخل يديه في جيبي البنطلون وشفتيه مزمار يخرج من بينهما لحناً طرباً يهز معه رأساً تتطاير سبائب شعره .
في الجانب الآخر من الطريق تقف إمرأة في كامل وقارها الستيني فجأة أطلقت العنان لضحكة لم تقطعها سوى تمتمها ببعض العبارات والتبريكات وأدعية وإن كانت مكررة المقاطع والكلمات إلا أنها كانت ملئ بحب بدا واضحاً في إلتماع عيناها التي حجبتني عنهما حافلة المواصلات التي وقفت أمامي والكمساري ينادي للوجهة التي أريد ، الكمساري يرتدي شعار برشلونة الإسباني ، إبتسامته تنبئ عن فرحته المخبؤة في حركت جمعه للنقود ورشاقته .
نغمة رنين دافئة إنسابت .. مقطوعة الأيام الخالدة ، على مهلها أخرجت الموبايل من حقيبة يدها برتقالية اللون وبلغة الواثقات قالت
- آلووو … وإبتسمت كأجمل ما يكون .
بجانبي في المقعد الأخير فتاتان تهمس إحداهما بحماس حتي إستنفدت صديقتها على ما يبدو كل عبارات الدهشة والتعجب والأسئلة الإستفهامية وما بقي من ريقها ولكن ما لا شك فيه كانتا في قمة السعادة .
- الجو حار ..عبارة قالها الجالس على يميني وقد كان مستغرقاً قبل قليل في قراءة جريدة رتيبة العناوين كعادة الصحف التي تهتم بجرس كلماتها لا المضمون
إلتفت ناحيته وفي فمي عبارة ساخطة وشئ من سباب مناسب لوصف صيف الخرطوم لمن لا يعرفه ، فاجأني بإبتسامة وإنشراح وود يدخره المرء ليوم زفافه .
كان حظ سائقنا أخضراً على الدوام إذ لم تقف الحافلة أمام أي إشارة حمراء فإنعكس ذلك على وجهه هدوءاً و على أصابعه التي تنقر نغماً خماسياً ما على عجلة القيادة المكسوة بنسيج من ثلاثة ألوان هي أيضاً ما يكسو رؤوس المقاعد وخلفية صورة بوب مارلي المبتسم ومعصم أحد الشباب لمحته في إحدى الإشارات يبيع الماء البارد ويتشارك الضحك مع بؤساء آخرين .
طرقعت أصابعي
وقفت الحافلة نزلت ومشيت بإتجاه البيت ، ثم لا شئ سوى ما كان ..
هل كان كل ما مر بي جميلاً ومزدهراً وضاجاً بالفرح والمرح والسعادة ولطيفاً حد الإشتهاء ..
أم هكذا تبدو الأشياء لمن يفتقدها ؟

[/size][/SIZE][/SIZE]
 
رد: هكذا تبدو الأشياء لمن يفتقدها

هكذا تبدو الأشياء لمن يفتقدها
عبدالعزيز بله تمن زولين ــــــــــــــــ
كان فر حاً يدخل يديه في جيبي البنطلون وشفتيه مزمار يخرج من بينهما لحناً طرباً يهز معه رأساً تتطاير سبائب شعره .
في الجانب الآخر من الطريق تقف إمرأة في كامل وقارها الستيني فجأة أطلقت العنان لضحكة لم تقطعها سوى تمتمها ببعض العبارات والتبريكات وأدعية وإن كانت مكررة المقاطع والكلمات إلا أنها كانت ملئ بحب بدا واضحاً في إلتماع عيناها التي حجبتني عنهما حافلة المواصلات التي وقفت أمامي والكمساري ينادي للوجهة التي أريد ، الكمساري يرتدي شعار برشلونة الإسباني ، إبتسامته تنبئ عن فرحته المخبؤة في حركت جمعه للنقود ورشاقته .
نغمة رنين دافئة إنسابت .. مقطوعة الأيام الخالدة ، على مهلها أخرجت الموبايل من حقيبة يدها برتقالية اللون وبلغة الواثقات قالت
- آلووو … وإبتسمت كأجمل ما يكون .
بجانبي في المقعد الأخير فتاتان تهمس إحداهما بحماس حتي إستنفدت صديقتها على ما يبدو كل عبارات الدهشة والتعجب والأسئلة الإستفهامية وما بقي من ريقها ولكن ما لا شك فيه كانتا في قمة السعادة .
- الجو حار ..عبارة قالها الجالس على يميني وقد كان مستغرقاً قبل قليل في قراءة جريدة رتيبة العناوين كعادة الصحف التي تهتم بجرس كلماتها لا المضمون
إلتفت ناحيته وفي فمي عبارة ساخطة وشئ من سباب مناسب لوصف صيف الخرطوم لمن لا يعرفه ، فاجأني بإبتسامة وإنشراح وود يدخره المرء ليوم زفافه .
كان حظ سائقنا أخضراً على الدوام إذ لم تقف الحافلة أمام أي إشارة حمراء فإنعكس ذلك على وجهه هدوءاً و على أصابعه التي تنقر نغماً خماسياً ما على عجلة القيادة المكسوة بنسيج من ثلاثة ألوان هي أيضاً ما يكسو رؤوس المقاعد وخلفية صورة بوب مارلي المبتسم ومعصم أحد الشباب لمحته في إحدى الإشارات يبيع الماء البارد ويتشارك الضحك مع بؤساء آخرين .
طرقعت أصابعي
وقفت الحافلة نزلت ومشيت بإتجاه البيت ، ثم لا شئ سوى ما كان ..
هل كان كل ما مر بي جميلاً ومزدهراً وضاجاً بالفرح والمرح والسعادة ولطيفاً حد الإشتهاء ..
أم هكذا تبدو الأشياء لمن يفتقدها ؟

[/size][/SIZE][/SIZE]

قد تبدو الأشياء رتيبة ولا معنى لها وبدون تفاصيل
وعند ابتعادنا .. تتفتح الذاكرة المخزنة وتخرج ما حسبناه عادياً ... ويلبس عدم العادية برؤية مختلفة
قد نفتقدها وقد لا .. ولكن ليس بيدنا إلا أن نبتسم ونسدل الستار ونمضى

شكراً عبدالعزيز
 
رد: هكذا تبدو الأشياء لمن يفتقدها

إذا إمتلكنا إبتسامة .. فنحن نمتلك الكثير
شكراً للمرور والتوقيع الانيق

قد تبدو الأشياء رتيبة ولا معنى لها وبدون تفاصيل
وعند ابتعادنا .. تتفتح الذاكرة المخزنة وتخرج ما حسبناه عادياً ... ويلبس عدم العادية برؤية مختلفة
قد نفتقدها وقد لا .. ولكن ليس بيدنا إلا أن نبتسم ونسدل الستار ونمضى

شكراً عبدالعزيز
 
أعلى أسفل