هذا مالايعرفه الناس عني (مذكرات انثى غامضة)

ظللت على تلك الحال اشهر طوال خلالها تعرضت لمحاولات تحرش عديدة غير ان اخواي في العذاب والتشرد سعد وعبد الله لم يتركا خطر يتجاوز مجرد التهديد لحياتي وماتبقى من كبريائي كامراءة

اصبحت لا اطيق البعد عن سعد وعبد الله واترقب لحظة عودتهما بفارغ الصبر
وفي ذات ليلة وبينما اختلس النظر للشارع لارى ان كانا قد عادا وجدت جمع من رجال الشرطة يطوقون المكان ويبحثون عن شيء لم اعرف ماهو حتى صاح (احدهم لا اظن انهما قد جاءا الى هنا هيا يارجال) غادر رجال الشرطة بعد ان بحثا في كل مكان الا انهم لم يصلوا للبيت الذي اختبى فيه

وبعد لحظات من مغادرة رجال الشرطة عاد سعد وعبدا الله مسرعين الخطى وقد بدت على وجهيهما بعض ملامح الخوف والهلع\
شكرا الله لاني لا ازال بالمنزل ثم اخباراني بان رجال الشرطة يمسحون المنطقة بحثا عن المشردين امثالنا

ظللنا الليل كله نفكر في طريقة لنحمي انفسنا من مصير تخبئه لنا ايدي رجال الشرطة ان امسكوا بنا

مكثنا في المنزل بضع ليال حتى ظننا ان الوضع قد اصبح امنا لنخرج من جديد بحثا عن قوت يسد رمق جوعنا
ويكفينا شر تشرد نعيش فيه

وفي يوما من الايام وبينما سعد وعبد الله غائبين عن المنزل
, طرق احدهم الباب
ترددت كثيرا قبل ان اسال الطارق عن هويته
غير ان صوت الطارق اتاني خافتا يقول( افتحي الباب ياسارة رجال الشرطة سياتون هنا بعد قليل) اسرعت الخطى نحو الباب لافتح لصاحب الصوت
فاذا بها فتاة صغيرة لم يتجاوز عمرها السابعة او اقل ترتدي ملابس رثة
جاءت لتحذرني من رجال الشرطة بعد ان ارسلها سعد وعبد الله لتخبرني بان رجال الشرطة قد امسكوا بهما هم ومشردين اخرين كانوا يجوبون الشوارع معا بحثا عن الطعام

لبست نعلاي وامسكت بيد الصغيرة وهربنا بلا وجهة محددة
حتى وصلنا لمكان امن لم يصل اليه رجال الشرطة اليه بعد
وهناك اخبرتني الصغيرة بانها وبرفقة فتيات اخريات قررن تسليم انفسهن لدار رعاية خاصة بدل ان يقعن في ايدي رجال الشرطة ولا يدرين ماذا قد يحدث لهن عندها

اعجبتني تلك الفكرة فلم اشاء ان اصبح فريسة سهلة وصيد وفير لاحدهم مرة اخرى

سرنا حتى وصلنا لحيث يقمن بقية الفتيات ,و هناك تحركنا صوب دار رعاية كبيرة رحبت بنا صاحبتها و وافقت على بقائنا في الدار شريطة الا نسبب لها المتاعب او نؤذي بقية الفتيات في الدار

وهناك تغيرت حياتي كثيرا وعادت الي ثقتي في نفسي واصبحت من افضل فتيات الدار سمعة واخلاقا ,غير ان سؤال ظل يتردد ببالي دائما عذبني كثيرا وهو ( ترى ماذا حدث لسعد وعبد الله يومها؟)
يتبع باذن الله

65421_163271680383418_157353297641923_315595_5654736_n.jpg
 
ما أروعك يا جميلة الحرف والسرد
لا تطولى علينا الغياب فنحن هنا عاكفين
وبحروفك وقصصك الرائعه نحن منتشين
وما جري لك من الذئاب البشرية حزينين
ولحالتك المستعصية وتشردك مشفقين
واصلى في ابداعك وكلنا لكِ صاغين
 


ومحتوى وهدف والقصة تمس وتراً حساساً في مجتمعنا السوداني المعاصر - نحن من صنعنا بعلمنا أو بغير علمنا هذه المأساة ونحن كمجتمع شركاء في هذه الجرائم بأفعالنا المباشرة أو بصمتنا تجاه كل ما نشهده من ممارسات ادت لهذا الإنحلال والتفكك الذي نشهده اليوم - كان بقليل من الحكمة والإحساس بالآخر أن نصون مجتمعنا ولكننا إخترنا الصمت والإنغلاق على الذات فكان ما كان - لك كل الود والتقدير ونحن في إنتظار المزيد من الإبداع متعك الله بالعافية
.

اخي شهاب
انحني احتراما لكل نقد بناء ولكل حرف يتلمس ماخلف السطور
هذا ما ترمي له القصة فعلا فنحن نلعب دور البطولة في مثل هذه القصص
قلة التوعية.ارتفاع نسبة الطلاق.البعد عن تعاليم ديننا الحنيف.والركض وراء الشهوات . وغيرها من اسباب ادت لانحراف اجيال اليوم
ولا عزاء لنا غير ..لاحول ولاقوة الا بالله ,فهي مشكلة حلها ليس بيدي او بيدك بل يجب ان يتعاون عليها مجتمع باسره


شكرا لحرفك الذي اثراء هذه المساحة
 
لم اجد اجابة لسؤالي رغم اني سمعت من بعض الفتيات في الدار ان هناك بعض الصبية قد تم اعتقالهم ونقلهم لدار خاصة بالاصلاح لتاهيلهم

تمر الايام سريعا ويكبر حلمي كاي فتاة في الارتباط وتكوين اسرة غير ان ذلك الحلم ظل حبيس نفسي وكسير الجناح بداخلي فانا اعلم ان مثلي لا مستقبل لهن بعد ان اضعن اغلى مايمكن ان يجعل رجل يقبل ويدفع عمره ليناله

لم اكترث لذلك الحلم الذي ظل يراودني كثيرا وفضلت ان امضي قدما في حياتي بعيدا عن الاحلام المستحيلة
كانت تطلب مني صاحبة الدار قراءة الصحف اليومية واعطائها ملخصا بما ورد فيها لانها علمت بمقدرتي على القراءة

الى ان اتاحت لي فرصة لاكمال تعليمي حين علمت اني لست كباقي الفتيات اللاتي لم يكن متعلمات ولا يعرفن القراءة

وفي ذات يوما وبينما انا اطالع الجرائد وجدت خبر عن عائلة فقدت ابنتها وابلغت الشرطة للبحث عنها ولا اخبار حتى اليوم عن الفتاة التي اختفت في ظروف غامضة ولا جثة او حتى دليل على انها لاتزال على قيد الحياة

انها انا , اعلم اني المقصودة
تمنيت بيني وبين نفسي ان اكون قد مت وقد وجدوا جثتي ليرتاح قلب والداي ويقطعا الامل في ايجادي يوما ما
لكن يبدو انهما لا يعرفان باني غياب مثل غيابي قد يطول مالم يصبح ابديا

وفي احد الايام وبينما انا اذاكر في بعض الكتب التي اعطتني اياها معلمة خصصتها صاحبة الدار لتاتي كل يوم وتساعدني على اجتياز المرحلة الثانوية

امسكت بقلمي وشرعت اكتب , مذكراتي
لم اكترث لشي غير الم بداخلي اجتاح صدري واحتجت ان اخرجه
وفعلت
كتبت قصتي بادق تفاصيلها

وحين حان موعد النوم خبئت تلك القصة بعيدا حيث لن يعرف احد بمكانها غيري

كنت في كل يوما اتوق لوقت اختلائي بنفسي لاكتب واسرد قصتي لعل الم بداخلي يخرج فبما اني لا اجرو على حكيها لاحد سوف الورق

وهكذا ظللت على تلك الحال اياما واشهر

وفي ذات يوما
لم اجد مذكراتي , بحثت في كل مكان ولم اجدها
هنا وهناك
وفي كل الدار

لم اجدها
اصبت بحالة ذعر وخوفا من ان تكون قد سقطت بين يدا صاحبة الدار التي لم اخبرها يوما عن قصتي الحقيقة
واثناء بحثي وجدت احد الصغيرات في الدار تجلس في زاوية قريبة وتشخبط على شيء اسرعت نحوها فوجدتها تشخبط على مذكراتي!!
غضبت جدا وودت لو باستطاعتي ضربها في تلك اللحظة لكني تمالكت نفسي وسالتها: كيف وجدتها , ومن اذن لك بدخول غرفتي ؟

فابتسمت الصغيرة واخبرتني انها ارادت ان تعرف ماذا يشغلني وقد لاحظت انشغالي عنهم بهذا الدفتر لذلك قامت بالشخبطة عليه

ابتسمت رغم حزني على بعض الصفحات التي طالتها يد الصغيرة بشي من التخريب

ومنذ تلك اللحظة توقفت عن كتابة مذكراتي لحين ارتب موعدا خاصا لا يشغلني عن بقية الفتيات في الدار


وبعد ان اعددت نفسي ورتبت كل مواعيدي اخترت الليل كافضل وقت لاخلو فيه بنفسي واكتب كل مايجول بخاطري
وفي ذات ليلة ...

يتبع

168617_171835766193676_157353297641923_365121_2221358_n.jpg
 
ففي ذات ليلة قمت بكل واجباتي اتجاه فتيات الدار ممن يحتجن لمساعدتي وشرعت في البحث مكان هادئ استطيع فيه ان استجمع ذكريات ايام انقطعت فيها عن الكتابة لادونها في مذكراتي الخاصة
في تلك الليلة صدر صوت غريب قادم من خارج الدار ظننت في البدء انه ربما يكون لصا ظن ان في هذه الدار نفائس تستحق ان يخاطر بحياته من اجلها

استرقت النظر عبر نافذة بجواري لاجدها احدى الفتياة تحاول الخروج خلسة لملاقاة شاب وقف لها بجوار سور الدار
لم اتمالك نفسي ووجدتني اصرخ فيها بعد ان فتحت النافذة على مصراعيها وطلبت منها ان تعود للداخل

عادت الفتاة للداخل مسرعة وقد غطت وجهها كي لاعرف من هي
اسرعت صوب الباب لاعرف من كان الشاب الذي انتظرها امام السور
لم افلح في كشف هويته
عدت مسرعة للداخل لاعرف من كانت الفتاة وحتى اثنيها عن قرار الخروج برفقة احدهم خارج الدار لكني لم اعرف من هي ايضا
حيث انها افلحت في تغطية وجهها في البداية وافلحت في تمثيل دور النائمة وسط مجموعة الفتاة الاخريات

عدت لاكمل كتابة مذكراتي التي تبعثرت بعض افكاري فيها بين خوفي على بنات تلك الدار وبين ماض وصم على جبيني حزن لا ينسى وعار لا ينمحي

في تلك الليلة غرقت في بحر من الدموع فقد شرعت في بكاء شدديد حين مر شريط ذكريات جرحي امام عيناي مرة اخرى
وجدت نفسي اسجل زيارة مفاجئة لماضي حياتي
ومر بذاكرتي والدي
ووالدتي
صديقاتي في المدرسة
واصدقائي من ابناء الشوارع
وبلا شك الذئاب التي وصمتني بالعار للابد

لم اتمالك نفسي ولا الحزن الذي سكنني من جديد

عقدت العزم على الرحيل
فقد احسست بان في حياتي صفحة لم تطوئ بعد
وكانت بمثابة ماض يعاوده حنين الالم في كل ليلة


ثار غضبي على كل شي حتى نفسي

اخذت ورقة وشرعت في كتابة رسالة لصاحبة الدار احكي لها فيها عن سر بحياتي يجعلني اهرب
وعن مستقبل لن يشرق ولو ظنت هي ذلك فهو موشوم بالعار منذ زمن طويل

هربت دون ادنى تفكير
اغلقت عقلي على فكرة واحدة وهي ان هناك حسابات لم تنتهي بعد وان حياتي رهن بظهور احد ابطال فصولها الاولى

كان كل همي لحظتها هو الا يلاحظ احد خروجي لحين اتمكن من الذهاب لابعد مكان حيث لا يعرفني احد


نجحت في الهرب
ووجدت اول خيط يوصلني لنقطة البداية

منزل اهل زوجة والدي اي بيت الذئب البشري الذي قتلني يوما ما شقيق زوجة ابي

كانت الساعة الاولى من فجر ذلك اليوم الذي اعلن ميلاد خروجي للابد من دائرة الحزن لدائرة اوسع وهي دائرة الهروب الابدي للمجهول

اتخذت من جذع شجرة عملاقة حائط يخبئني من اعين المارة لحين شروق الشمس لعلي استوضح شكل المكان واتآكد من وجهتي

اظنني غفوت فقد ايقظتني سيدة طاعنة في السن تحمل بيدها اغراض وتتجه صوب منزل زوجة والدي

اوقفتها وسئلتها : هل تعرفين اين تسكن ابنت صاحب هذا المنزل اقصد التي تزوجها رجل مطلق
فاجابتني انها في الداخل فقد مات زوجها منذ شهرين !!

ظننت لوهلة انها تقصد شخص آخر حتى استدركت الامر انه والدي

والدي هو ذاك الزوج الذي مات


198948_183923678318218_157353297641923_438421_5654690_n.jpg
 
بكيت مرارة فقداني لوالدي الغالي الذي ايقنت انه توفي بغيابي حزنا على اختفائي احسست بان آخر امالي في الحياة قد تلاشى ووجدتني اعانق الشوارع التي اصبحت كئيبة ,حزينة كحزني على ما آلت اليه حياتي

كنت افكر في وسيلة توصلني لمكان اقامة والدتي او اي خيط يدلني عليها , فلعلني اجد حضن يلملم شتاتي بعد ضياع او يداوي جرح عميق بداخل قلبي المكلوم

عدت ادراجي متوجهة لديار اهل والدتي , كنت اعرف المكان جيدا لان والدتي اخذتني كثيرا لتلك المنطقة , ووصلت بعد عناء لوجهتي

سالت كل المارة واصحاب المحلات التجارية في تلك المنطقة عنها , لم يدلني احد عليها حتى ظننت بانني قد ضللت الطريق, حتى سمعت امراءة طاعنة في السن تبيع الخضر تناديني : هي انت .. يا فتاة .. هل تبحثين عن ام سارة
هرعت صوب السيدة و فاجبتها على الفور : نعم نعم ياخالة .. نعم انا ابحث عن ام سارة

فقالت لي : كانت امراءة لا مثيل لها في الاخلاق , غير ان المرض تغلب عليها بعد اختفاء ابنتها سارة , وماتت بحسرة قلبها حزنا على ابنتها

لهول المفاجئة لم اتمالك نفسي وسقطت مغشي علي , لم يكن ببالي حينها غير ان العالم اكتسى بلون السواد واني اصبحت وحيدة في هذه الحياة

افقت بعد لحظات لاجد نفسي في سرير بحجرة صغيرة لتدخل علي ذات السيدة التي اخبرتني بوفاة والدتي
اقبلت السيدة نحوي وهي تحمد الله على سلامتي فيبدو انها قد خشيت علي كثيرا بسبب سقوطي المفاجئ على الارض , وقالت لي : الحمد لله على سلامتك يا ابنتي, يبدو انك جائعة , احضرت لك بعض الطعام
نظرت للطعام والغصة تخنقني ,فسالت السيدة : هل كنت تعرفين والدتي ؟

نظرت الي السيدة بدهشة وسالتني: من هي والدتك يا ابنتي ؟
فاجبتها والدمع يحرق خدي : ام سارة .. ام سارة هي والدتي ياخالة ..

نظرت الي السيدة بدهشة وقالت لي: سامحك الله يا ابنتي .. ااااااااه لو تعلمين كيف حزنت والدتك عليك .. وماذا اصابها بغيابك , ووالدك ايضا لم يتحمل قلبه المسكين غيابك وفارق الحياة بعد والدتك بايام , لم يترك اعمامك مكان الا وبحثوا فيه عنك , واظنهم يبحثون الان عنك لتاخذي نصيبك من ميراث والديك , وسمعت بانهم كتبوا اعلانات بالصحف غاية البحث عنك , سامحك الله , لما هربت , لما قتلتي والديك حسرة وحزن لغيابك ؟

عانقت عيناي دمعها المنهمل وقلت وانا احاول التماسك امام هول اسئلة تلك السيدة واجبتها : لم اهرب ياخالة , بل اجبرني القدر على الهروب , كنت اعلم بان لكل شي ثمن وكان ثمن غياب والدتي عني هو حياتها وحياة والدي وحياتي انا ايضا

نهضت من السرير وانا احاول التمسك بطرفه ونظرت للسيدة اشكرها على انقاذها لحياتي , ثم اخبرتها انه قد جاء دوري الان لادفع الثمن



1248371429_S.jpg
 
في تلك الليلة ادركت انني ليس لدي المزيد لاخسره , وكنت اعلم ان اعمامي لا بيحثون عني من اجل الميراث بل من اجل ثأرئهم لشرف اخيهم الذي توفي حسرة علي , نعم ليس لي المزيد لاخسره فانا فتاة فقدت حق الحياة الكريمة , وفقدت والديها , وفقدت اصدقاءها الذين عرفتهم خلال ايام التشرد والهرب للمجهول فقد خانتهم بهروبها من الدار , ادركت اليوم اني بلا عنوان, لكن قصتي تحمل عنوان الآلم والضياع والندم

عدت ادراجي لاقف امام منزل زوجة والدي (رحمه الله )و شرعت اراقب المكان جيدا لاعرف ان كان شقيق زوجة المرحوم ابي لايزال يعيش معهم , وفجاءة رأيته
نعم , انه هو , هو ذات الذئب الذي سلبني اغلى ما املك ,هو وذاك الذي ظننته حبيبي

كان يخرج من المنزل واثق الخطى متوجها صوب عربة فارهة وخلفه خرجت فتاة جميلة مسرعة الخطى لتلحق به, وتمسك بيده في علامة واضحة لقربها الشديد منه , ربما تكون زوجته , رددتها بيني وبين نفسي وبداخلي قلاع الحزن تهتز لهول المنظر , فكيف استطاع ان يبداء حياته وقد ختم على نهاية حياتي

وحين ركبا المركبة , كنت قد وقفت امامهما والشرر يتطاير من عيناي , لم يرني شقيق زوجة والدي حينها بل انتبهت الفتاة التي كانت برفقته لوجودي فصرخت في عبر نافذة المركبة: لو سمحتي , ابتعدي عن الطريق ..

فنظرت اليها وقلت : لا , لن ابتعد ..
كان شقيق زوجة والدي قد رآني حينها, ويبدو انه قد تعمد انكار معرفتي فقال: من انتي وماذا تريدين ؟ لو سمحتي ابتعدي عن الطريق..

لم اجبه

فنزل من المركبة غاضبا ووقف امامي ممعنا النظر لعيناي وقال لي هامسا : ابتعدي عن طريق يا ..... صمت برهة ثم قال : ابتعدي بهدوء ولا تعودي لهذا المكان والا ...
حينها قاطعته قائلة : لا لن ابتعد يا ... حقير , اجل انت حقير وجبان
ثم اردفت وانا ارفع صوتي لتسمعني الفتاة في المركبة .. مات والداي بسبب غيابي ولا اظن الجميلة التي تركب معك تعرف السبب .. هل تريدني ان اخبرها بالسبب ؟ ام انك تريد ان تبدو امامها شهم ونبيل وذو سمعة تشرفها , هل تريدني ان احكي لها عن جريمة ارتكبتها انت وصديقك في حقي .. هل تريدني ان اخبرها باني دفعت ثمن غبائي على يديك وانك ستدفع الثمن ...

وسددت طعنة لقلبه وانا امعن النظر لعيناه اللتان الجمتهما الدهشة قلت له بصوت احسست للمرة الاولى بانه يعبر عن الم بداخلي صدقا : ضاعت حياتي بسبب انانيتك انت ومازن , وقد آن الآوان لتدفع حياتك ثمنا ايها ..الجبان




سارة سارة , سارة ... استيقظي
فتحت عيناي لاجد اناس ضخام يلبسون ثياب بيضاء يلتفون حول سريري , حاولت النهوض لكني لم افلح , لاعلم لحظتها اني مقيدة لسرير ابيض , فاتى رجل نحوي وسالني : هل انتي بخير ؟
ادهشني سؤاله ودار بذاكرتي شريط ماحدث قبل تلك اللحظة لاستدرك فجاءة اني مقيدة لسرير في مشفى , سمعت بعض الممرضات حولي يحكين قصة وفاة شاب اثر طعنة سددتها لقلبه , اردكت اني قد قتلت .. احد الذئاب البشرية, شقيق زوجة والدي, نعم قتلته , فاحسست بنشوة انتصار لم احسها من قبل وشرعت في موجة ضحك كانت هي ماجعلتهم يؤكدون على تشخيص حالتي .. بالجنون



يتبع باذن الله

407725214a.jpg
 
مازن
مازن
مازن

كنت اردد هذا الاسم وانا اعض على كم قميصي الابيض الذي يشبه ماتلبس نساء ذاك المكان فيما عدا المقاسات
اقتربت مني احدى الممرضات وسالتني بلطف: من هو مازن يا سارة ؟
رمقتها بنظرات حذرة وانا احاول الاجابة عليها وقلت : اتعرفينه ؟
فاجابتني: لا , فان كنت اعرفه لما سالتك من هو ؟
فقلت لها : لا يجب ان تعرفيه , فهو مارد جبار يطارني في كل مكان , وحتى هنا اجده بين الاسرة والستائر ,في الساحة ,وفي المطعم , اخبريني .. لماذا هناك كل هذا العدد من الحراس؟
فاجابتني : لان هناك نزيلات حاولن الهرب كثيرا وهن خطر على المجتمع في الخارج , لذلك شددنا الحراسة . لما تسالين ؟
فاجبتها : لا , لا للشي بل لاني اشعر بانكم تبالغون قليلا , فانا اكره ان اشعر باني سجينة .
فقالت لي : لكن هذه الحراسة تخفف حين يكون هناك زائر من حقوق الانسان


غادرت الممرضة وهي تنظر الي بنظرات دهشة وحيرة وكانها تتسال ان كنت حقا , مجنونة ... بينما عدت اردد اسم ذلك الذئب اللعين الذي ظل طيفه حبيس ذاكرتي بالالم حتى كاد يفقدني صوابي بحق, وفكرة تجول بعقلي حول موعد زيارة فرد من لجنة حقوق الانسان لنا ..

تعرفت على فتاة في المشفى عاشت نفس القصة لكن مع رجل احبته وسلمته نفسها ظننا منها انه سيكون أمينا عليها فوهبها طفل فضح امرها وهرب تاركا اياها تعاني ظلم مجتمع لا يعرف الرحمة فجن جنونها والقى بها اهلها في المشفى منذ اعوام مضت , حين علمت بقصتي كانت سعيدة بجريمة القتل التي ارتكبتها وكانت تتسائل عن مصير مازن , الذي سلمني لمصير مؤلم , ثم اخبرتني باني استطيع ان انفس عن غضبي باختيار احد الانشطة المقدمة في المشفى فاخترت الكتابة


في تلك الليلة امسكت كراسة كبيرة اعطاني اياها الطبيب وطلب مني ان اكتب مايجول بداخلي ان شعرت بالملل

كنت اكتب حتى ادرك الطبيب اني دون غيري كانت شراهتي للكتابة تعبر عن غضب بداخلي لا يعلم سره احدا

كتبت وكتبت وكتبت , حتى جف مداد ذاكرتي التي اعماها الحزن , فطفقت ابحث في اروقة اخرى لعلي اتذكر شي يرشدني لخيط خروج من تلك القلعة
Xbp91562.jpg



اليوم الخامس والعشرون من شهر تموز بعام الخروج من دائرة الصمت , لن اوضب حقائبي فلست بحاجة لها , وكل ما احتاجه اشارة من صديقتي الواقفة في الخارج بانتظار خروجي متجاوزة الحراسة الخاصة بي مدعية حاجتي للذهاب لدورة المياه , بوجود بعض افراد حقوق الانسان لدينا اليوم


عذرا لكل من يتابع حالتي هنا , فلست مجنونة كما ظننتم بل انا انسانة بكامل قواي العقلية , نعم فقدت صوابي ذات مرة , فقدته حين اعطيت مفتاح الولوج لعالمي لرجل لم يخشى الله في, وفقدت عقلي حقا حين لم ارتب اموري جيدا قبل وصولكم لي , فقد كان حري بي ان اتآكد ان جرح قلبي لن يعاود النزف , فما زال من اشهر خنجره المسموم في وجه حياتي للابد طليق , يتجول في شوارع المدينة يبحث عن فريسة اخرى

عذرا اطبائي .. لست مجنونة , ولست من بدت امامكم ضعيفة تهذي بكلمات غير مفهومة , لست الا ..سارة .. التي جردها رجال من عذريتها وجردتموها انتم من حق الانتقام لحقها المسلوب
عذرا ساغدركم الليلة , ولن اعود الا بعد ان انتقم لكل جرح بداخلي

انتهى



خاتمة :
اعيدت سارة للمشفى مرة اخرى بعد ثبتت ادانتها بجريمة قتل اخرى بعد ان افلتت من حراسة المشفى , وقامت بقتل شاب يدعى (مازن) وقد اكد الاطباء هذه المرة انها فاقدة للعقل حقا , فيبدو ان نشوة انتصارها فاقت حد استيعاب عقلها واصبح الجنون حتميا لفتاة عاشت سنوات من الالم ختمتها بجريمتي قتل نالت فيهما شرف غسل عارها بالدم ..

لم تعد سارة مجرد نزيلة في المشفى بل اصبحت الاشهر بين النساء هنا , فقد اصبحت عبرة لكل امراءة تفرط في اغلى ماتلك .. طوعا
فما اصعب ان نفقد كل شي لاجل .. لا شي
وما اصعب ان نبيع السعادة والحرية والرضا بلحظات .. ضعفنا ولهثنا المحموم خلف وهم كبير اسمه .. الحب


تمت ....



(1006).jpg
 


سيدي , هي قصة ارويها على لسان صاحبتها

والحمد لله لم يجري لي شي من هذا . بعيد الشر عني وعن بنات اهلي ان شاء الله


الأخت ملكة القلوب اعرف وأيقن تماما بأنها قصة ترويها
كى تعالجى امورا كثيرا وأعرف أنك تنشدين بحرفك
لتدوي الأنحراف والتفكك وإيصال الفكرة للتوعية
والتثقيف
لاحظى سطوري ستعرفى بأننى اقول

ما أروعك يا جميلة الحرف والسرد
لا تطولى علينا الغياب فنحن هنا عاكفين
وبحروفك وقصصك الرائعه نحن منتشين


شكرا اختى ملكة القلوب ونتابع بشقف قصصك المدهشة الرائعه بروعتك
 





خاتمة :
اعيدت سارة للمشفى مرة اخرى بعد ثبتت ادانتها بجريمة قتل اخرى بعد ان افلتت من حراسة المشفى , وقامت بقتل شاب يدعى (مازن) وقد اكد الاطباء هذه المرة انها فاقدة للعقل حقا , فيبدو ان نشوة انتصارها فاقت حد استيعاب عقلها واصبح الجنون حتميا لفتاة عاشت سنوات من الالم ختمتها بجريمتي قتل نالت فيهما شرف غسل عارها بالدم ..

لم تعد سارة مجرد نزيلة في المشفى بل اصبحت الاشهر بين النساء هنا , فقد اصبحت عبرة لكل امراءة تفرط في اغلى ماتلك .. طوعا
فما اصعب ان نفقد كل شي لاجل .. لا شي
وما اصعب ان نبيع السعادة والحرية والرضا بلحظات .. ضعفنا ولهثنا المحموم خلف وهم كبير اسمه .. الحب


تمت ....





(1006).jpg

ملكة القلوب
كم انتِ رائعه ومدهشة وكاتبه مبدعه عشنا اوقات مريرة مؤلمه مع قصتك وسردك الرائع
لكننى سعيد جدا بختم القصه بالطريقة التى اخترتها فأصبحت سارة البطله وسعداء للانتقام
من الأوغاد والذئاب الضاله الذين سلبو اغلى شي بأسم الحب
شكرا لك ملكة القلوب استمتعنا جدا بقصصك ونأمل ان لا تبخلى علينا بالمزيد ونحن
في الأنتظار
 
ملكة القلوب
كم انتِ رائعه ومدهشة وكاتبه مبدعه عشنا اوقات مريرة مؤلمه مع قصتك وسردك الرائع
لكننى سعيد جدا بختم القصه بالطريقة التى اخترتها فأصبحت سارة البطله وسعداء للانتقام
من الأوغاد والذئاب الضاله الذين سلبو اغلى شي بأسم الحب
شكرا لك ملكة القلوب استمتعنا جدا بقصصك ونأمل ان لا تبخلى علينا بالمزيد ونحن
في الأنتظار

وكم انا سعيدة حيث بداءت معكم باخر قصة كتبتها وقمت بنشرها في صفحتي الخاصة بالفيس بوك ومنتديات اخرى

اكثر ما اسعدني هنا هو متابعة بعض اروع الاقلام لي لا بل زادت تعليقاتكم حماستي لاكتب النهاية التي ظلت مجهولة لشهور مضت, كان خلالها قراء كتاباتي لايعرفون كيف يخروجون قلمي من صمته ليعلن نهاية هذه القصة

اسعدني جدا مرورك الانيق سيدي

ووعدا بالا اتاخر عليكم بالمزيد


كن بالف خير
 
مدهش ورائع اقل الكلمات التي يمكن ان توصف هذا العمل فعلا ملكة القلوب, ليس غزلا ولكن حقيقة فرضت نفسها فلك كل الشكر والتقدير
 
أعلى أسفل