نبذه : عن الفنان عبد الكريم عبد الله مختار

عزيزوغالي

:: كاتب نشـــط::
عبد الكريم عبد الله مختار

إسم ثلاثى قطعا لا يعرفه معظم الناس

هذا الإنسان، وحيد زمانه، ووحيد أبويه، هو من صاغ ألحان ربما تسعين بالمائة من الأعمال الغنائية مما يطلقون عليه "غناء الحقيبة" فى فترة قياسية إن بحساب الزمن أو مقدار الجهد العبقرى، إبتداء من عشرينيات القرن العشرين حتى العام السابع والأربعين منه، لم يغلب الكم على الكيف، بل كان كل عمل يأتى أشد تجويدا من سابقه

ولكن حين يسمع الناس إسم "كرومة" حالا ما تحلق أطيار الطرب فى سماء الغناء السودانى، إختصر الناس ذلك الإسم الثلاثى ليصبح "كرومة"، وأعتقد أن اللقب ربما كان مقصودا به "كرومر" ذلك المعتمد البريطانى ذائع الصيت فى بداية القرن العشرين فى مصر والسودان، أو ربما يكون قد أتى تحببا أو "إسم دلع" كما يقال. وحين يقال "كرومة" تخضر ساحات الفن وتأخذ أبعادها اللامرئية، هذا الإنسان البسيط والذى لم يتلق درسا واحدا فى الموسيقى والتأليف الموسيقى بكل شعابه ودواخله، لكنه صاغ عبقريات ليست كغيرها، كانت مطيته لذلك، حسه الفطرى ووموهبته الفذة فى صياغة الألحان وعشقه للفن والغناء

وقد ذكر أنه حين تخير الموسيقيون الكوريون فى معهد الموسيقى رائعة مصطفى بطران "دمعة الشوق" أن الدهشة قد إعتلت عقولهم وهم يجدون ذلك اللحن بقالبه ذلك، يجدونه وكأنه قد أعد وفقا لأعلى معايير التلحين، وكان أن تم توزيعه بكل سهولة ويسر،

إرتبط "كرومة" روحيا وفنيا ومكانيا، بالمجموعة التى كان يتزعمها أبو صلاح، والتى ضمت عمر البنا وبطران وعتيق وآخرين، فى فترة ما عرف لاحقا "بالمضاربات" وكان فى الجانب الآخر، المبدع الشامخ "الحاج محمد أحمد سرور أورو" وقد إلتفت حوله المجموعة الأخرى التى ضمت العبادى ومحمد ود الرضى إضافة لسيد عبد العزيز وعبيد عبد الرحمن وآخرين ايضا

غنى كرومة لكل شعراء مجموعته الفنية، ولحن معظم اشعارهم سواء لنفسه أو لمغنيين آخرين

تبنت أسرة رجل الإقتصاد السودانى "عبد المنعم محمد"، تبنت هذا المبدع فنيا وإجتماعيا ربما يكون ذلك لصلة لا أملك عنها كثير معلومات، ولكن هذا ما سمعته من أحاديث الوالد عن كرومة، وأيضا أتمنى أن يحيطنا من لهم معلومات أوثق عن هذا الموضوع

كان كرومة مشهورا ايضا بأناقته العالية اللافتة فى هيئته وملبسه، بل حتى فى طريقة مشيه وتعامله مع الناس، وهكذا هو حال الفنان دائما وما يجب أن يكون عليه، كان مضرب مثل فى "القيافة" ويحكى عنه المطرب صاحب الصوت العجيب "عوض شمبات" والذى زامله فى فترة من الفترات وكونا معا ثنائى جميل، يحكى أن كرومة كان لا يلبس الزى الواحد لأكثر من مشوار واحد، وحتى اثنا الغناء فى الحفلات، كان يرتدى زيا مغايرا لكل وصلة أو فاصل غنائى، هنا تذكرت سفيرة النجوم "فيروز" فى حفلاتها، والتى إبتدعت فيها ذات الطريقة فى الظهور بزى مغاير لما قبله

أحب صوت وأداء هذا الإنسان بشكل لا يطاله أحد سواه، وأكثر ما يشد المتذوق لفنه، هى تلك الألحان العبقرية التى تدل على حس موسيقى وفهم للنص لا يصل اليه إلا ما وهبهم الخالق مثل تلك الموهبة، وليتأمل المستمع مثلا لأغنية "كل ما اتأملت حسنك يا جميل، ألقى آية تضاهى أية" وهى من كلمات الشاعر عذب المعانى محمد البشير عتيق، صديق ورفيق كرومة، ففى هذه الأغنية، جاء كرومة بطريقة تلحين لم تكن مألوفة وقتذاك ويشى إحساس المستمع العادى حتى، أنه من الممكن أن يمتلئ هذا اللحن بموسيقى هائلة ومتنوعة فى وبعد كل مقطع منها، والعديد العديد من ألحان هذا المتفرد، وكل واحد منها يبز الآخر

لحن كرومة كل أشعار صالح عبد السيد أبو صلاح، عمر البنا، عتيق وأظن، من غير تأكيد، أنه قد صاغ لحن أغنية عبد الرحمن الريح الشهيرة والجميلة "فى رونق الصبح البديع.

دا القدرتا أجمعوا عن الفنان المبدع كرومة​
 
أعلى أسفل