محمد الفيتوري «معيتيقة»

عزيزوغالي

:: كاتب نشـــط::
معيتيقة - الفيتوري


اسمها مُعَيْتِيقَة ... مجرد راعية صغيرة
, لا علاقة لها بكل ما يحدث هناك
هكذا كانت
و ذات يوم قبل عام 1969,
*خرجتْ بأغنامها, على مقربة من القاعدة الأمريكية
غير أنها
لم تعد قط. فقد مزقت جسدَها الصغير
, قنابلُ قوات الاحتلال التي كانت
تقوم بإحدى مناوراتها الحربية
معيتيقة لم تكن لها قضية ... إنها هي القضية
معيتيقة
أأنتِ هي التي اشتعلَت
ضفائرُ شَعرِها في الحُلم
تحت صواعق الخيل الغريبةِ
يا مُعَيْتِيقة
أكانت نفس أسوارِ الخرائبِ
و المناقيرِ الطويلةِ
و الطواحين البدائية؟
و كان النهرُ, نهرُ الحزنِ
تغتسل القوافلُ فيهِ
ثم تدور أقماراً محطَّمةً
و أشجاراً نحاسية
و كان السهلُ أخضرَ يا معيتيقة
و كنتِ بريئةَ العينينِ و الشفتين
شوقُ النهرِ في عينَي معيتيقة
و عشبُ السهلِ في شفتَي معيتيقة
ستغدو نخلةً ذهبيةً في موسم الأمطار_
و ترقص بين أجفانِ العذارى
زهرة من نار
و سوف تغار
كلُّ جميلةِ الساقينِ
من ساقَي معيتيقة
و كان السهلُ أخضرَ
و الغيومُ الخضرُ تحلم أنَّ طفلَ الفجرِ
يرقد في معاطفها الأنيقةِ
و الطيورُ الشاخصاتُ من العرائشِ
تشرئبُّ, و تنقر الأضواءَ
ما أبهى معيتيق
مرصَّعة بضحكتها الطفولية
و ما أحلى معيتيقة
تُعلِّقُ شالها القمحيَّ
فوق نوافذ الأشجار
ثم تطير في آفاق رحلتها الربيعية
و جاء نهار
و جاءوا ينصبون خيامَهم في السهل
فارتعَشَتْ معيتيقة
قليلاً...ثم أغضت...ثم لم تغضب
فإن الأرضَ أرضُ الله
و قالت للشويهات التي أبدتْ تعجبَها
هنالك خلف تلك التلة الغربية الجرداء
مرعىً معشبٌ آخر
لماذا يا معيتيقة_
يجيء القادمون, و ينصبون خيامَهم
في سهلنا, و نهدُّ خيمتنا
و نرحلُ
كلما جاءوا
لأن العشبَ عشبُ الله_
و نوغلُ في المجاعات الجديدةِ _
كلما ارتفعت مشاعلُهم
لماذا يا معيتيقة؟
لأن الفعلَ فعلُ الله_
و إن عادوا إلينا مرةً أخرى_
أنرحلُ يا معيتيقة؟
سترتحل النجومُ وراءنا_
و تظلُّ تمطرنا سماءُ الله
و كان السهل أخضر
و السماء هي السماء
و كنتِ فاتحة اليدين
تجاوزي ما شئتِ_
لن تتجاوزي فرحَ السنابل
و احلمي بالشمس
راقدةً على سررِ الرمالِ البيضِ
و الإعصار فاجعة تقهقهُ
فوق أطلالِ المدائنِ و السواحل
و كان نهار
و الأحجار
و أعشاب البحارِ, و مركبات الرعدِ و الأمطار
و غاصت شعلةٌ من نار
في رئتَيْ معيتيقة
لماذا يا معيتيقة
حلمت بأن أرجلَ خيلهم خطفتكِ
و اغتصبتكِ في الطينِ؟
لماذا يا معيتيقة
معيتيقة
لقد زحفَتْ قنابلُهم
و دباباتُهم, و جيوشُهم
يوماً عليكِ
و كنتِ فاتحةَ اليدينِ
و حينما دفنوكِ تحت ركامِهم
وجدوكِ نائمةً
و ثمَّةَ وردةٌ حمراء
نابعةٌ من الشفتين
 
أعلى أسفل