ما بين قواتنا المسلحة التى (لا تهزها الصغائر) و(اعتدتْ لهن متكئا )

abdalaziz mohammad

:: كاتب نشـط::
تعددت تصريحات السادة جنرالات القوات المسلحة في الفترة الاخيرة و للأسف الشديد يغلب علي اكثرها الطابع السياسي المعروف الانتماء و منها ما قاله الفريق كباشي مِن انهم لن يسلّموا الحُكْم للمدنيين, و الفريق صلاح توعد الشعب و المجتمع الدولي بقوله انَ تسليم البشير للجنائية خطٌ احمر و انهم سيحاربون من يتجرأ علي تسليمه للجنائية, و آخِرها ما كان بشأن ما تعرَّض له الفريق شمس الدين كباشي في منزل الصحفي جمال عنقرة و قد اصدرته القوات المسلحة في صفحتها علي الفيس بوك, و هو بيان بعد قراءتي له انتابني الشك في صِحة الصفحة و قلتُ في نفسي ربما تكون صفحة زائفة و إنْ لم تكن كذلك فمن المؤكد انَّ البيان مدسوس زائف, و لكن للأسف فالبيان بالفعل مِنْ هيئة الاركان و قيادة الجيش. و قد جاء في البيان: (تستنكر هيئة الاركان و قيادة القوات المسلحة الأحداث التى صاحبت زيارة معايدة عضو مجلس السيادة شمس الدين الكباشي للصحفي جمال عنقرة بضاحية الحتانة و التى حملت احداثا و الفاظا لا تليق بموروثات الشعب السوداني و تقاليده) و (ان هذه الاساءات تعتبر اساءة للقوات المسلحة متمثلة في رمزية عضو المجلس السيادي العسكرية) و( عاشت القوات المسلحة قومية شامخة لا تهزها الصغائر). و نقول: إنَّ الزيارة لم تكن زيارة معايدة, فأي طفل يعرف ان زيارات المعايدة لا تُقَدَّم لها دعوات , و قد اختلفت رواية الزيارة في البيان عن ما قاله عبد الرسول النور مِنْ انَّ كباشي الذي تربطه قرابة مع عنقرة جاء زائراً بعد تعافى الداعي من مرض كما انها تختلف من رواية صحفي قال بأن دعوة وصلته من عنقرة و أنَّ كباشي سوف يحضر, و تشاركه الدعوة مجموعة من الحزب المحلول, و لا ادري لماذا تذكرتُ فجأة ما جاء في الآية31من سورة يوسف عن امرأة العزيز: ( و اعتدتْ لهن متكئا ) . و نسألهم: أي احداث حدثت؟ أهي الهتافات بالسلمية و تحذير بعضهم ان لا يلمسوا السيارة الفاخرة مجرد اللمس, أم أتقصد قواتنا المسلحة العبارات الطائشة التى تفوه بها طفل لم يبلغ العشرين من عمره؟ و تقول انها لا تهزها الصغائر, و يبدو انَّ اساءة مِن طفل مِن الكبائر بينما عندها الدماء المسفوكة امام قيادتها العامة من الصغائر, و في موضع آخر جاء ان الجيش قال: اصوات نشاز اساءت للقوات المسلحة و لكباشي بألفاظ عنصرية و يملك حق مقاضاتها. و يا للعجب, لماذا صمت الجيش عن قول رئيسهم المخلوع يوم ان علَّق على اغتصاب الجيش على الفتيات في دارفور؟ و جاء اليوم الجيش يهدد بالمقاضاة, فمرحبا بالمقاضاة, مسلحون بأموال الشعب يقتلون العُزَّل الابرياء!! و في الآخرة القِصاص الالهي.. حق المقاضاة قال..!! وا جيشاه, وا جيشاه !!
إنَّ مِن الطبيعي ان يكون كل فرقاء و لواءات و عمداء و كل الرتب العسكرية الرفيعة قد قاموا بزيارت(معايدة) مماثلة غير انَّ و لا واحد منهم قد تعرَّض لهم مِن الشعب, فلماذا الكباشي-المسكين- لوحده؟ و الاجابة معروفة للجميع فالكباشي لم يكن يرتدي البزة العسكرية كما انه ليس في ساحةٍ يقوم فيها بواجبه العسكري المعروف الذي يستحق به الاجر مِنْ المال العام الذي يوفره الشعب. و لكنها تلبية لِدعوة انتقي لها صاحب الدعوة مجموعة من الصحفيين أمثاله الموالين للنظام البائد و المنتمين للحزب المحظور ممن لم تتوقف كتاباتهم السلبية في حق الثورة و الشعب, و قد سبقتها تصريحات لذات العضو الرئاسي بالإقرار بالفشل و انه خجل, و خجله هذا لم يحرَّك فيه نية الاستقالة لكي لا يفسد علي الشعب ثورته, فهذا الطفل-الذي لم يحسن عباراته- اراد ان يقول له ارحل كما قالها مع شعبه و اطاح بها رموز النظام البائد و رئيسه
و السودان لعله البلد الوحيد الذي يخصص اكثر من 80% من ميزانيته للدفاع, و لعل جيشه الأول عالميا من حيث الاحتشاد بالرتب العسكرية الرفيعة في الوقت الذي تفتقر فيه مؤسساتنا التعليمية و الجامعات للأساتذة, و لعله البلد الوحيد المحتلة اراضيه و يُعْتَدي عليها, و لعله البلد الوحيد الذي تمتلك فيه المنظومة العسكرية اكثر من 200 شركة تتعامل في سلع الدقيق و الوقود و غير ذلك.
و القوات المسلحة كانت مكان تقدير فقد كانت قومية حامية للمواطن و ترابه و تغني لها الشعب: ( جيشنا جيش الهنا, الحارس مالنا و دمنا) و ستظل كذلك ما بقيت على قوميتها و مهنيتها. و ما الحال البائس و الخراب الذي حلَّ بالبلاد إلا بسبب الانقلاب العسكري في 1989 لصالح حزب الاخوان المسلمين الذي ظل قائده العسكري يتباهي و يفتخر بإنقلابه على الديمقراطية و بانتمائه للتنظيم الاخواني. و لا يزال الشعب السوداني و الكويتيون يذكر قادة عسكريين كانوا رمزا للعزة و الكرامة و الإباء و خاصة ذاك القائد العسكري السوداني الذي أمَر جنوده قبيل صعودهم للطائرة عائدين لوطنهم انْ يضعوا الظروف المليئة بالدينار الكويتي ارضا, و انظر لذاك القائد و قارنه بالبشير و رفاقه المطلوبين للعدالة الدولية بتهمة ابادة شعبهم جماعيا, و قارنه بمجموعة القادة الواقفة تأدبا و خنوعا لأحمد هارون السفاح المدني و هو يوجههم بالقتل دون الابقاء على أي فرد حيّ. و الشعب السوداني فطن و يميز بين الطيب و الخبيث و قد صبر ثلاثين عاما على نظام فاشل مستبد فاسد و حينما فقد الأمل في الخلاص منه خرج بشبابه واحتمي بالقيادة العامة للقوات المسلحة, و جاء الثالث من يونيو و المئات بل الآلاف من مقاطع الفيديو تصور الفاجعة.. و(حدس ما حدس) و عزائنا خروج ضباط كرام وقفوا الى جانب شعبهم فلهم كامل التقدير. و قد أُشيع انَّ كثيرا من هذه الفيديوهات قد قُدِّم للجنائية الدولية, و في انتظار ما تقوم به لجنة مجزرة فض الاعتصام و حينها للشعب خيارات اخري, كما انه إذا احس بأنَّ حياته مهددة بالخطر فسيلجأ للمجتمع الدولي طلبا للحماية و نزع السلاح من مصدر الخطر.
 
أعلى أسفل