سومییت ...سلام

محمد عبدالسلام

:: كاتب نشـط::
محمد عبدالسلام



شكلت الحركة الطلابية السودانية رأس الرمح في محاربة ومقاومة الدكتاتوريات التي حكمت السودان وواجهت الحكومات الشمولية الطلاب بعنف مفرط فسالت دماء الطلاب في سوح الجامعات بداية باقتحام عسكر نوفمبر لندوة الحادي والعشرين من اكتوبر عام 1964م ليسقط احمد القرشي طه شهيدا بنيران الشرطة ولكن اسوء انواع القمع والتنكيل تعرضت له الحركة الطلابية السودانية كان في ظل نظام الجبهة الاسلامية فسقط العشرات من الشهداء الذين ستظل ارواحهم نبراسا ينير الطريق لسالكي درب الحرية والكرامة .
في نهاية عقد السبعينات من القرن العشرين ظهرت في الجامعات السودانية واوساط الطلبة السودانيين بالخارج حركة مؤتمر الطلاب المستقلين واخطت طريقا جديدا في الحركة الطلابية وكانت للمستقلين اليد الطولى في مقاومة دكتاتوريتي مايو والانقاذ فكان عبد الحميد سعيد عثمان شهيد المؤتمر البكر وطالب جامعة الخرطوم والذي سقط شهيدا في مظاهرات السكر عام 1982م لتتواصل نضالات المستقلين مما جعلهم ينالون ثقة الحركة الطلابية ليفوزوا بمعظم اتحادات الجامعات التي كانت موجودة في منتصف الثمانينات وفي جامعة سنار والتي افتتحت في العام 1993م ظهر المستقلون بقوة واعلنوا عن انفسهم كتنظيم ريادي في الجامعة ومن اشهر قيادات المستقلين بجامعة سنار كان ميرغني محمود النعمان الذي اشتهر باسم (سوميت) وهو من مواليد مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة في بداية السبعينات في اسرة متوسطة الحال ودرس بها جميع مراحله الدراسية (ابتدائي ،متوسط ، ثانوي،) ثم التحق بجامعة سنار كلية الزراعة ابونعامة وعرف سوميت بنشاطه الاجتماعي والثقافي والرياضي في اوساط الجامعة وفوق ذلك كان من اشهر الكوادر الخطابية لمؤتمر الطلاب المستقلين بالجامعة وكان لسوميت موهبة شعرية لذلك كان مبادرا لتأسيس جمعية (نادوس) الثقافية وعندما اعلنت ادارة الجامعة عن قيام انتخابات في الجامعة للاتحاد تدافع طلاب جامعة سنار نحو صناديق الاقتراع ليعلن فوز مؤتمر الطلاب المستقلين باول اتحاد لطلاب جامعة سنار عام 1994م ويأتي ميرغني سوميت رئيسا للاتحاد ، كان الاتحاد خادما للطلاب ومعبرا عنهم وواقفا بجانبهم كما لم ينسى هم الوطن والبيئة المحيطة بالجامعة وكانت لاتحاد سنار الاول مواقف مشهودة حيث كان منبرا وطنيا خالصا منافحا لشمولية الانقاذ وداعيا لعودة الديمقراطية .
تخرج سوميت من جامعة سنار في العام 1998م ليواصل نشاطه السياسي في اروقة حزب المؤتمر المعارض (المؤتمر السوداني حاليا) وفي العام 2000م رتب مؤتمر الطلاب المستقلين لندوة سياسية بالجامعة بالتنسيق مع حزب المؤتمر وتحالف (جاد) وكان يفترض ان يتحدث فيها الاستاذ ابراهيم الشيخ والاستاذ غازي سليمان المحامي وكان سوميت مكلفا مع اخرين بوضع ترتيبات الندوة فسافر الى سنار منتصف يونيو 2000م وسارت الترتيبات على مايرام وقبل يوم من الندوة احتكت الشرطة مع الطلاب من غير سبب واضح وامطروا الجامعة بوابل من القنابل المسيلة للدموع فتفرق الطلاب ايدي سبأ ،كان سوميت ومعه اخرين يحاولون الابتعاد من الغاز المسيل للدموع عندما اعترضهم عدد من رجال الجيش بكامل عتادهم وسلاحهم وصوبوا فوهات بنادقهم تجاه الطلاب العزل ولم يتوانوا في اطلاق الرصاص الحي لتستقر رصاصة في جبهة سوميت لينسحب عناصر الجيش الذين على ما يبدو قد نفذوا عملية اغتيال مدبرة ومحاكة بعناية ، اسرع الطلاب بالمصاب لمستشفى سنار فتم قطع الكهرباء من المستشفى ليستمر النزيف حتى فارقت روحه الجسد امسية 18/6/2000م ليسطر طلاب جامعة سنار لوحة نضالية مشهودة حيث سيطروا على المدينة طولا وعرضا وهربت الاجهزة الامنية وكامل الحكومة من المدينة امام ثورة الطلاب الذين اضرموا النار في مباني محلية سنار وسيروا مواكب الغضب في طرقات المدينة التي تجاوب اهلها وابدوا سخطهم من هذا الفعل الاجرامي .
استشهد سوميت بعد عامين من وفاة احد ابرز الكوادر الخطابية لمؤتمر الطلاب المستقلين بل اميز من مرو على الجامعات السودانية اعني نصر الدين الرشيد والذي توفي باريتريا بعد التحاقه بقوات التحالف السودانية اصبح سوميت رمزا من رموز الحركة الطلابية حيث سمت القوى الوطنية بجامعة سنار دورات الاتحاد التي فازت بها باتحاد سوميت وظل مؤتمر الطلاب المستقلين وفيا لشهيده الذي فقد اعز ما يملك في سبيل مشروع الخلاص لشعوب السودان .
 
أعلى أسفل