حاج أحمد الطيب «خواطر في عيد مروه الرابع»

يوسف عوض الباري

:: كـاتب نشــط ::
خواطر في عيد مروه الرابع

تجول بخاطري شتى النوازع
إلى دنيا المكاسب والمنافع

إلى حيث الهفوف وحيث فيها
بسوق العصر أصناف البضائع

لعلي في التجارة مستفيد
بربح بالغ الآلاف واسع

وكنت نويت أن أشري كثيراً
فسوق هفوفكم في الحق رائع

وكان السعر في رخص شديد
ويبدو أنه للجو طالع

وأحيانا أجول به طويلاً
ويملأ أرضه شار وبائع

فأسعار القماش بها تراخت
إلى حد يجرجر كل طامع

ويغري كل من يبغي قماشاً
بسعر المتر أو سعر المقاطع

ففيه من العجائب ما رأينا
قماشا أحمر الألوان فاقع

وفيه من الملابس كل شيء
فساتين مواعين ملايات براقع

وماجدة تؤكد كل هذا
وآمال تؤيده تدافع

وسفيان عن الأسعار لاه
ففارقها إلى دنيا الطوابع

كيوسف لا يمل (الكمبيوتر)
وذلك منذ أن ترك المطابع

فما عاد الهفوف وما إليه
من الأسواق أو حتى المزارع

فأصبح غارقاً فيها كفن
وفي أنواعها حذق وضالع

لمست بخبرتي شغفاً شديداً
لهاو في طوابعه وبارع

وتلك هواية لا منجى منها
بلا أمل أضحت كواقع

وآمال ويوسف من جبيل
فقد سمعوا ما طرق المسامع

لقد جاءوا كما جاءت وفاء
ترافقهم وليس لديها مانع

فتضحك تارة وتصيح أخرى
وتقفز من هنا وهنا تصارع

وطفل اليوم ليس كسابقيه
يشب على الشقاوة وهو يافع

وقد سئلت وفاء حين جاءت
عن الأسباب أو سر الدوافع

فقالت إنها جاءت لأمر
جليل واضح كالشمس ناصع

فمروة عيدها عيدي تماماً
لهذا جئت أحضره أسارع

ونحن وكلنا جئنا شهوداً
نشاركها ولها من الأعوام رابع

سأحضر عيدها هذا بنفسي
وفي أعيادها الأخرى أتابع

سنبقى ههنا جنباً لجنب
وفي غدنا نعود إلى المراتع

واما جدها فله حديث
يطول ولن يمل السرد سامع

لقد أمضى من السنوات سبعاً
خلون فمنذ شهر مر سابع

ويوم نروم عوداً أو رجوعاً
بوحي من ضمائرنا ووازع

ونخشى أن نطيل كمن أطالوا
فيأتي بعدها –يا صح- تاسع

وهذا الكأس مر في مذاقه
وقتال ومثل السم ناقع

ثمانية من الأعوام عدا
وفي بلد يئن من الجوامع

ومن تخذ التغرب غير جسر
لمقصده المرجى فهو ضائع

وأمواج الخليج على يمين
وفي يسراه تصطخب المصانع

يظل الحال في صخب شديد
تعج به الأزقة الشوارع

مصانع ليس ينقصها علو
تطالعنا ولها دوي كالمدافع

وتقطع ليله جدران بيت
تخاطبه وصمت الليل قاطع

فحر الصيف نار أي نار
وبر قارس اللسعات صاقع

وأحيانا يلوح له قصيد
فيكتب ما يتاح من الروائع

ليغدو في الجزيرة من فحول
وفي السودان في كل المواقع

ويذهب في الصباح وفي رفاق
إلى مبنى تعالى كالصوامع

من الشرق خليج له حدود
ونحو الغرب تغمره المصانع

ويبأ يومه يوما طويلاً
يجول خلاله بين المراجع

ويمضي اليوم منشغلا بهذا
طوال اليوم يبحث أو يراجع

وجدك صادق الإحساس دوماً
وفي قول الحقيقة لا يخادع

ومنذ مجيئه يبغي رجوعاً
وها هو ههنا ثاو وقابع

لقد رام التأني عن ذهاب
وبات يسوق مختلف الذرائع

وأصبح حسمه رهناً بأمر
يغص على ضئالته المضاجع

ويرجو أن يعود وعن قريب
إلى الخرطوم توا وهو قانع

وليس سوى القناعة من دواء
يداوي كل من يشكو وناجع

وجاء اليوم من بلد بعيد
وقفر الدرب ممتد وشاسع

وبالبص السريع أتى حثيثاً
يعيد صيغ من حسن الطوالع

لمروة كي يهنيء والديها
ببدر في سماء البيت ساطع

فحبي للثلاثة لن يجارى
وذلك من حنايا القلب نابع

ودرة من عمرها من غير شك
لدى أترابها والدر لامع

فمروة عندنا هي كل هذا
بغير تحيز .. وبلا منازع

لسفيان لماجدة تهانينا جميعاً
وأضرع بالدعاء كأي ضارع

وأسأله ليحميها بستر
وربي من صروف الدهر مانع

لقد كانت قبيل النظم هذا
تجول بخاطري شتى النوازع

الأثنين: 12-1-1987م
 
أعلى أسفل