القوات النظامية تكسب هيبتها و تفقدها بِقَدْر التزامها بواجباتها و صلاحياتها

abdalaziz mohammad

:: كاتب نشـط::
نسى الفريق كباشي انه عضو مجلس سيادة ما كان له ان يكون في هذا الموضع السيادي لولا بركان الشعب الذي تفجّر في وجه النظام البائد, و –بالطبع أنَّ- مِنْ ضِمْن الشعب المهنيون و منهم الاطباء الذين يكافحون هذه الايام وباء الكورونا و في اسوأ بيئة صحية خلَّفها لهم النظام البائد يتعرضون للإهانة و الضرب بل و الحجز و منعهم مِن الذهاب لأداء واجبهم الانساني جهات رسمية مِنْ صميم واجبها خدمة الطبيب و غيره مِن الشعب, و مع ذلك فإن سعادة الفريق كباشي لم يعر ذلك اهتماما و بدلاً مِن ذلك خلَع عباءته الرئاسية و موجها حديثا بلغة حادة للمدنيين عن انتقاص لهيبة القوات النظامية, و كان عليه أنْ يعرف أنَّ هيبة القوات النظامية لا تُكْتسَب بالأوسمة و النياشين و(اليونيفورم) , فبقدْر التزامها بواجباتها و العمل في حدود صلاحياتها تكسب الهيبة. و الهيبة-لأي فئة كانت- يفقدها كل مَنْ يكذب او يتواطأ مع الظالم الفاسد أو يرتشي أو يتخاذل و يتقاعس عن اداء واجبه, و الكلام هذا لا يحتاج لشرح أو ضرْب أمثلة, فهل حدَثَ أنْ فقد الاطباء-مثلاً- هيبتهم؟ الذين يخضع 60 % منهم الآن للحجر صحي بسبب تخاذل جهات معروفة و تقاعسها عن اداء واجبها في تنفيذ قرارات الحظر و منع السفر بين الولايات و الصلوات الجماعية و التجمعات . و عضو مجلس السيادة الفريق كباشي أغضبه قول بعضهم- لم يذكرهم اسما- انه مطلوب منهم- و يعني العسكر- ان يرجعوا لثكناتهم, و عدَّ ذلك انتقاصا من هيبة القوات النظامية. و هل لهم غيْر ثكناتهم, و هل سيغضب الطبيب أو أي صاحب مهنة إنْ قالوا له: اذهب لِمقر عملك؟
إنَّ الدولة المدنية لا تلغي دوْر القوات النظامية إنَّما تجعلها تعمل في حدود واجباتها و صلاحياتها مثلها مثل أي مجال آخَر, و مِنْ المؤسف أن تفكّر رتب عسكرية عليا بمثل تفكير البسطاء مِن افرادها الجنود بفهْمٍ للمدنية بغير هذا الفهم, و الوسائط تحكي عن رجل أمن تقاعس عن اداء واجبه حينما طُلب منه التدخل في مواجهة مخالف فردَّ بقوله: مُش دي المدنية العايزنها؟ , و كباشي قال بأنَّ الجيش اذا رجع لثكناته فسوف تسقط الحكومة في خلال ثانية و في قول آخر له زاد الوقت فجعله دقيقة, لكن الرجل لا يعرف ان دولة السودان و كل دول العالم إنّما تُبْني و تزدهر بعقول و أيدي المهنيين و تسقط الدول حينما يتخلوا هُم عن ادوارهم او يغادروا بلادهم و ليس بالسلاح تسقط, و أنَّ المجتمع الدولي و منه الاتحاديْن الافريقي و الاوروبي يرفض الحكومات العسكرية, فليرجع كباشي الى ثكناته و ينتظر سقوط حكومة الثورة.
و إنَّ سياسة تمكين الموالين في العهد البائد و الترقيات الي الرتب و الدرجات الوظيفية بدون وجه حَق اضرّتْ البلاد أيَّما ضرر و خلقتْ ظلما ولَّد عدة حركات مسلحة ظلتْ تقاتل دون أي يتمكن الجيش النظامي مِنْ كسْر شوكتها إلي انْ زال نظام البشير, و تفاوضها الآن حكومة الثورة بوفدٍ مِنْ ضمنه قائدان مِن الجيش النظامي. و نحن هنا لا نريد ان نضع فاصلاً بين المدنيين و العسكريين فكلاهما مكمّل للآخَر و خاصة في هذه المرحلة, و لكن إذا ما تكرر حديث بعض العسكريين عن اهمية لهم دون غيرهم فعندها سيكون كلاما وقْعَه ليس يسيراً عليهم. و رحم الله قدْر نفسه.
 
أعلى أسفل