القاص ر الروائي (عيسى الحلو) أطلالة على أحد رموز السرد في السودان

فيصل مصطفى

:: كاتب نشـــط::
القاص و الروائي
(عيسى الحلو)
إطلالة على أحد رموز السرد في السودان + + + + +
بجانب القص و الروي ... يمكن إضافة نعوت أخرى تزين هامة هذه القامة السامقة !!؟...
لم يقتصر إبداعه الكتابي على السرد فقط ، بل شمل العمل الصحافي بنوعيه ،
الإشراف على الملفات الثقافية و كتابة المقالات الأدبية و الدراسات النقدية ، حتى صنفه البعض بإعتباره ناقداً أكثر من كونه سارداً ... لما أنجزه من إجتراح مسارات غير مطروقة في تقنيات النقد الحداثي ، مسترشداً بآليات مناهج النقد
البنيوي و منهجي التناص و التفكيكية ...
و لعل من الذين أشاروا الى أن "عيسى الحلو" أقرب للنقد من السرد ، الروائي الستيني "الحسن محمد سعيد" .....
ربما لقدرته الفائقة في كتابة نص موازي
للعمل السردي الذي يكتب عنه دراسة نقدية ، دون الإهتمام بتفسير النص أو تحليله مثل النقاد التقليديين ، كما أن مسروداته تطغي عليها الأفكار ، دون الوقائع و الأحداث اليومية ، منذ إصدارته الأولى "ريش الببغاء" التي أحدثت لغطاً غير مسبوق بين القراء و النقاد ، خلال النصف الثاني من عقد الستينات ...
و أذكر بهذه المناسبة أن "عيسى الحلو" من فرط عشقه لفن القص و توقه للإسهام في رفد المكتبة السودانية ... سعى لجمع
مبلغ من المال ، بلغ الألف حنيه و هو المدرس ذو المرتب المحدود !!؟...
و شد الرحال الى بيروت ، ليعود بعد عدة أسابيع محملاً برزم مجموعته القصصية
الأولى "ريش الببغاء"
+ + +
إصداراته :-
ضربة الفرشاة الأولى في لوحة منجزه الإبداعي كانت مجموعة "ريش الببعاء" كما أوردنا سابقاً ثم تلتها مجموعة "الوهم"1971 و أعقبتها رواية "حمى الفوضى و التماسك" و من بعد ... توالت إصدارته على الوجه التالي
"وردة حمراء من أجل مريم" ، مجموعة
قصصية ... و رواية "صباح الخير أيها الوجه اللامرئي الجميل" ، و له ثلاث روايات نُشرت في الملفات الثقافية التي كان يشرف عليها و هي على الوجه التالي "البرتقالة" و "مداخل العصافير الى الحدائق" و "الجنة بأعلى التل"
و في السنوات الأخيرة أصدر مجموعة قصص بعنوان "قيام الجسد" ورواية "عجوز فوق الأرجوحة" التي صدرت عن دار نشر "مدارك" 2010 لصاحبه الشاعر المعروف "الياس فتح الرحمن" بعد أن نقله من القاهرة الى الخرطوم ....
و كان لصدور هذه الرواية الأثر الفاعل في تحريك بركة الوسط الثقافي السوداني و رجها رجاً فتهافتزات الأقلام في تناول هذه الرواية ، مضموناً وبنية و لغة و تقنيات مما أحدث نقاشاً و نقداً أظهر أصالة موهبة و إمكانيات و قدرات
هذا المبدع الذي كرس جُل عمره لإنجازه السردى المتفرد و أخر رواياته "البرد و كوابيس الليل" و الآن يعمل لإستكمال رواية جديدة بعنوان "المصوراتي" ......
و نظرة عجلى لخارطة نقوشه على صفحة السرد السوداني نجد إنها عبرت الآحاد و تعدت العشرة الأولى ، مما يشير الى أنه فاق معظم مبدعي السرد في السودان بكثافة إصداراته ، الذين إشتهروا بقلة منتجهم الكتابي للدرجة التي يكتفي السارد منهم بعمل واحد ، و هناك العديد من الأمثلة في هذا الصدد ، معروفة للقاصي و الداني !!؟........
و هذا بطبيعة الحال يُحسب له لإدراكنا الجازم بتفرد منجزه غير المسبوق .....
لذلك أجدني منساقا لتقديم مقترح لجائزة "الطيب صالح" العالمية للإبداع الكتابي ، بأن تخصص جائزة لكتاب السرد السودانيين -خارج نطاق المنافسة- الذين أثروا منابع الإبداع و ساهموا في رفده
بإنجازاتهم السردية الفائقة النضوج و الإدهاش أمثال "عيسى الحلو" و أضرابه من الروائيين بهدف تكريهم بهذه الجائزة العالمية الجديرين بها لأنها تحمل إسم أيقونة السرد السوداني "الطيب صالح" ، قبل رحيلهم تجنباً لتكريم التراب بعد فوات الأوان كما يُقال !!؟.
+ + +
الفلسفة الوجودية
تزامن ظهور "عيسى الحلو" كأحد آبرز كتاب القص في الساحة السودانية مع توغل صدى الفلسفة الوجودية في الأوساط الثقافية العربية !!؟......
فكان من بين المتأثرين بها ، فأنعكس ذلك
في أعماله ... لا سيما حينما قرأ "البير كامي" و "سارتر" و روايتي "الغثيان" و ًالمومس الفاضلة"و كتابه "الوجود و العدم" و ما أنجزته رفيقة دربه "سيمون دي بوفار" في كتابها نسيج وحده "الجنس الآخر" و المقولات التي راجت في ذلك الزمن مثل "الآخرون هم الجحيم"
و لعل ثمة عدد مقدر من كتاب السرد خلال عقدي الستينات و السبعينات لامسه أثر الفلفسة الوجودية ، منذ أن نشر "أنيس منصور" كتابه عنها ... فتمثل ذلك في مسروداتهم ك (محمود محمد مدني و عثمان الحوري) و غيرهما
و في رواية فيصل مصطفى الأولى "الخفاء و رائعة النهار" شخصية "حسن الوجودي" الذي يفجر دوماً مع (حكيم و عطا) قضايا مصيرية كبرى و يطرح عليهما كثيراً من الأسئلة !!؟...
+ + +
الصحافة الثقافية
منذ الوهلة الأولى إقترن عمله الإبداعى بالإشراف على الملفات الأدبية ....
و ربما بسبب شغفه و عشقه للعمل في الصحافة الثقافية ، الذي دفعه دفعاً لترك العمل بالتدريس و تفرغه تماماً لمساره الجديد ، مكرِساً كل طاقته الكتابية في إخراج تلك الملفات في أكمل صورة شكلاً و محتوى !!؟....
و حرص عبر هذه الملفات أن يحشد حوله
المهمومين بهاجسي التجديد و التجريب في الشكل الكتابي و إجتراح دوائر جديدة تتعلق بقضايا عصرية ، تحاور و تحاول ملامسة إشكاليات فكرية تتشابك مع رواسب و معتقدات تقليدية في ذهن
المثقف و المبدع السوداني فأفرزت أنماطاً
من الأشكال الكتابية المغايرة للسائد و المألوف !!؟....
رحلة إشرافه على الملاحق و الملفات الأدبية ، لم تقتصر على التي تصدر عن الصحف السيارة كالأيام و الصحافة و الرأي العام ... بل تعداه الى إحياء و إدارة مجلة الخرطوم العريقة بعد أن توقفت ردحاً من الزمن ، تمدد و إستطال
و قد عاونه في ذلك الناقد القدير "مجذوب
عيدروس" و القاص المتميز ،نبيل غالي" و آخر لم أعد أذكره الآن فالذاكرة إتسعت ثقوبها. + + + الأيام الثقافي
قبل ذلك إبتدع شكلاً جديداً غير مسبوق من الملاحق الأدبية التي تصدرها عادة الصحف اليومية !!؟....
هداه فكره المستنير الى إخراج ما أطلق عليه "الأيام الثقافي" فكان بمثابة مركز إشعاع ثقافي ، أضاء عتمة الوسط الأدبي وحرك سطح البركة الساكنة و لا سيما حينما دعم هذا المسار الشاعر "مصطفى سند" و الناقد "محمد المهدي بشرى"و المسرحي "عبدالمنعم الجزولي"و آخرون .....
و لعل من المثير للإهتمام إن "عيسى الحلو" بإنشائه "الأيام الثقافي" ، الإصدارة الأسبوعية الخالصة بأكملها من
الغلاف الى الغلاف للأدب بأجناسه المختلفة ، جعل هذه الخطوة الفريدة الطابع ، محط إعجاب الأوساط الثقافية العربية !!؟...
وربما تكون صحيفة أخبار اليوم المصرية حذت حذو صحيفة الأيام السودانية بإصدارها ملحقها الثقافي "أخبار الأدب" برئاسة الروائي "جمال الغيطاني" ......
وبذلك تكون "الأيام الثقافي" قد سبقت "أخبار الأدب" في مرأى النور !!!؟...
و لكن !!؟...
أين الأيام الثقافي اليوم !!!؟؟.....
و كيف وصلت أخبار الأدب الى ما وصلت إليه من مكانة مرموقة و كيف أصبحت تتوزع في أنحاء العالم حيثما يُوجد الناطقين بلغة الضاد ...و قد تم لها ذلك لقيام العاملين بها بفصل إدارتها من الصحيفة الأم و تخصيص مبنى مستقل لإدارتها وطاقم محرريها... بينما لم تعش "الأيام الثقافي"طويلاً !!!؟؟....
مثلها مثل كل شئ جميل في السودان ، سرعان ما يُطوى كيانه و يمضي لا يلوي على شئ !!؟؟...و يصبح في نهاية المطاف أثر بعد عين !!!؟؟.....
 
أعلى أسفل