الفساد (بوست توثيقى)

بكرى سوركناب

:: كاتب نشـــط::
الفساد في زمن الإنقاذ
بقلم : اللجنة الاقتصادية
* 77% من الميزانية السنوية للأجهزة الأمنية.
* سوء إدارة الأموال العامة وصرفها خارج الميزانية.
* تفكيك القطاع العام لصالح الرأسمالية الطفيلية.
* الاعتداء الأكبر على أموال المجتمع في البنوك يزيد عن 30 مليار جنيه.
* عدم تضمين مبلغ 26.9 مليار دينار إلى حساب القروض المسحوبة لوحدة تنفيذ السدود.


على الرغم من إدعاءات الطهر والأمانة… والقوي الأمين .. هي لله لا للسلطة ولا للجاه.. والشعارات الأخرى فممارسات الإنقاذ تجيء عكس ذلك تماماً.. فانتهاك المصلحة العامة أصبح ديدنهم فالفساد أضحى الآلية الأكثر استخداماً لمراكمة الأموال والثروات واكتناز الذهب وبناء العمارات الشاهقة وامتلاك السيارات الفاخرة، استيراد واستهلاك السلع الاستفزازية إلى حد السفه.. في الوقت الذي يرزح أكثر من 90% من الشعب السوداني تحت خط الفقر ويحرم 50% من أطفال السودان في سن التعليم من الالتحاق بالمدرسة ويموت الأطفال والأمهات بسبب ضعف الخدمات الطبية وسؤها بسبب ضعف التمويل الذي تقدمه حكومة الإنقاذ للصحة والتعليم في الوقت الذي تنفق ما يزيد عن 77% من موارد ميزانيتها على الأجهزة الأمنية.. ودون خجل يعلنها مرشح الحزب الحاكم لرئاسة الجمهورية بإكتفاء السودان ذاتياً من السلاح وهو البعيد جداً عن الاكتفاء ذاتياً من الغذاء حيث تخيم المجاعة على أجزاء واسعة من البلاد.
السودان في طليعة الدول الفاسدة :
تنوعت وتعددت أشكال الفساد في عهد الإنقاذ وتداخلت في بعض الحالات مع الجريمة. بدءاً من الاعتداء على المال العام في الأجهزة القومية والولايات والنظام المصرفي، مروراً بتفكيك قطاع الدولة من أجل منسوبي المؤتمر الوطني والرأسمالية الطفيلية الإسلاموية، وتمويل شركات ومنظمات حزبية وأمنية من موارد الميزانية دون أن تساهم تلك الشركات والمنظمات بجنيه واحد في إيرادات الخزينة العامة، سوء إدارة أموال الدولة وتجنيبها بعيداً من الحساب الرئيسي للحكومة وصرفها خارج الميزانية، التفريط في أصول الدولة وتركها عرضة للسرقة وتوظيفها لخدمة المصالح الخاصة، استيراد السلع الفاسدة من أطعمة وحلويات وشاش وأدوية مغشوشة وأسمنت فاسد وبروميد البوتاسيوم وهو مادة مسرطنة لإدخالها في صناعة الخبز…الخ.
* الفساد الذي تعكسه تقارير المراجعة العامة على ضخامته لا يعكس حجم الفساد في السودان الذي أصبح في عداد الدول الخمس الأكثر فساداً في العالم. ما يجيء في تقارير المراجع العام يوضح جانباً من الفساد وتركز تلك التقارير على الفساد الصغير أي الفساد الذي يمارسه الحكام والبيروقراطيون والحزبيون الكبار ورموز الرأسمالية الطفيلية ومن خلال واجهات متعددة من بينها الأقارب والأجانب وبخاصة المنتمين لجماعات الإسلام السياسي.. فعلى سبيل المثال يتم إخفاء الفساد في النظام المصرفي فالاعتداء على المال العام في المصارف الذي تكشفه المراجعة العامة أمرٌ غير مسموح بتداوله حتى بين أعضاء السلطة التشريعية ولا يرشح عنه إلا القليل.
* تزايد حجم الاعتداء على المال العام على الرغم من تأرجحه صعوداً وهبوطاً من عام لآخر، إلا أن الاتجاه العام هو ازدياد وتوسيع نطاقه في الأجهزة القومية والولايات فخلال الفترة من 1/9/2008 حتى 31/8/2009م بلغ حجم الاعتداء على المال العام في الأجهزة القومية 5440430 جنيه، أما في الولايات فكان 6088800 جنيه زاد الاعتداء على المال العام في الأجهزة القومية بنسبة 127% مقارنة مع الفترة 1/9/2007 – 31/8/2008م، أما في الولايات فقد زادت بنسبة 279%. احتلت ولاية الخرطوم المرتبة الأولى بين الولايات في الاعتداء على المال العام حيث تم الاعتداء على 3947200 جنيه في عام 2008 أي بنسبة 65% من جملة الاعتداء على المال العام في الولايات . وتشير تقارير المراجعة العامة الي أن الاعتداء علي المال العام في ولاية الخرطوم في عام 2008 يعادل 8 أضعاف ما كان عليه في عام 2007 .

الفساد في البنوك :
الاعتداء علي المال العام في البنوك يشكل أحد أشكال فساد الكبار الذي يتداخل ويتكامل مع فساد الصغار. الاعتداء على المال العام في النظام المصرفي يتكون من :
1. الاختلاسات التي يقوم بها الموظفون، هذه الاختلاسات وفقاً لمصادر مصرفية بلغت حتى نهاية عام 2008 ثلاثة أضعاف التجاوزات خارج النظام المصرفي والأجهزة القومية وتقدر هذه الاختلاسات بـ 17.4 مليون جنيه أي حوالي 8 ملايين دولار وهي تعادل 1.5 مرة الاعتداء على المال العام في الأجهزة القومية والولايات (علماً بأن الاختلاسات في النظام المصرفي المذكورة تشمل الاختلاسات حتى نهاية 2008). الأمر الذي يشير إلى ضخامة الاختلاسات في البنوك.
2. الاعتداء الأكبر على أموال المجتمع في البنوك يتم من جانب رموز الرأسمالية الطفيلية الذين تربطهم وشائج قوية مع الحكام والنافذين في السلطة والحزب الحاكم، هذه الاعتداءات وصلت إلى أرقام فلكية تزيد عن الـ 30 مليار جنيه (نحو 15 مليار دولار) الأمر الذي أوصل نسبة التعثر إلى 29% بينما يفترض ألا تتجاوز الـ 15%. هذه الأموال اقترضها 237 من كبار المستثمرين ورجال المال والأعمال 85% منها اقترضتها مجموعة تتكون من 37 شخصاً فقط.
أموال البنوك والمودعين أصبحت في متناول يد المحتالين من الطفيليين السودانيين والأجانب من أمثال صقر قريش .ولا تزال مجالس الخرطوم وصحافتها تتحدث عن حالة النصب والاحتيال الكبيرة التي نفذها شخص تربطه وشائج قربى بأحد المسؤولين واستولى من خلالها على 38 مليون جنيه (أكثر من 15 مليون دولار) بعد أن قدم ضمانات اتضح وبعد هروبه من البلاد أنها مضروبة.

توسع دائرة الفساد :
* يزداد حجم الاعتداء على المال العام وتتوسع دائرة الفساد. فبالإضافة إلى الأموال التي يتم الاستيلاء عليها دون وجه حق من خلال خيانة الأمانة والتزوير، التبديد والنهب ليشمل قسماً من أموال تؤخذ بطرق تبدو في ظاهرها مشروعة إلا أنها في حقيقة الأمر نوع من الاحتيال والنصب حيث يقول المراجع العام (يتم اعتماد تعويضات العاملين ببعض الأجهزة بناء على الوظائف المصدقة وليس الوظائف المشغولة فعلاً مما يترتب عليه فائض نقدي عند التمويل قد يتم استغلاله بصورة تخالف النظم واللوائح والقوانين). ولا يتوقف هذا الأمر على ميزانية الحكومة الاتحادية فحسب إنما يشمل الولايات أيضاً.
إذ تراوحت نسبة الصرف على الفصل الأول في الولايات بين 77% و 105% حيث يتجاوز الصرف على الفصل الأول في ولاية الخرطوم وحدها نسبة الـ100% أما بقية الولايات جميعها كانت هذه النسبة دون الـ 100%، أما في عام 2008 فكان الصرف على الفصل الأول في كل الولايات دون الـ 100% وتراوح بين 73% و 93%، يذهب الفائض في هذا الفصل كما في فصول أخرى لتمويل بنود أخرى لا علاقة لها بالإعتمادات حيث تصرف على المكافآت والحوافز وبنود أخرى لا يتم الإفصاح عنها. وفي ذات السياق يتم غض النظر عن ملء الوظائف الشاغرة في جهاز الدولة وذلك بغرض الاستفادة من مخصصاتها وتبديدها في أوجه صرف أخرى كما كشفت المراجعة عن الاستمرار في استخراج أجور عاملين تركوا الحكومة، وعدم استرداد الصرف الخطأ والمتكرر. ولا تنشط الحكومة في ملء الوظائف الشاغرة ولا تعلن عنها على الرغم من وجودها حيث أكد وزير الدولة للعمل وجود 45 ألف وظيفة شاغرة تشمل 250 ألف وظيفة في وزارة الصحة و 200 ألف وظيفة في وزارة التعليم العالي. الميدان

 
مشاء الله تبارك الله الجماااعة ديل لسه ما شبعوا
 
بكري .. ياخي ربنا يديك العافية ويخضّر ضراعك
أتمنى ان تواصل سلسة مواضيع كشفك لفساد تجار الدين وأذنابهم المجرمين القتلة.
 
تهامى
وليد الحسين
تحياتى واحترامى لكما ولكل شرفاء بلادى
هذا البوست توثيقى متواصل باذن الله ولن ينقطع البتة لو هكّروا الراكوبة ملايين المرات
 
بكري ازيٌك
طولنا ما شوفناك في المنتدي يا ملك ، كيف الحال
فساد اهل الانقاذ فزيع وعجيب وبالحقيقة نفتقد لمن يعرف المستندات مثلك ولا املك الا وان اضيف صوتي للاخ وليد واقول لك واصــــــــــــــــــل واصل في دربك اكشف لنا فساد هولاء القوم الفاسدين اخبرنا بفسادهم بكل ما تملك من المعلومات عنهم

فقط هي وجهة نظر : الموضوع الفوق دا طويــــــــــــــــل خالص وبتعبنا في القراءة والفهم معاً ،،، ياريت تقسمها لنا في شكل حلقات
بكري تحياتي
 
بكري ازيٌك
طولنا ما شوفناك في المنتدي يا ملك ، كيف الحال
فساد اهل الانقاذ فزيع وعجيب وبالحقيقة نفتقد لمن يعرف المستندات مثلك ولا املك الا وان اضيف صوتي للاخ وليد واقول لك واصــــــــــــــــــل واصل في دربك اكشف لنا فساد هولاء القوم الفاسدين اخبرنا بفسادهم بكل ما تملك من المعلومات عنهم

فقط هي وجهة نظر : الموضوع الفوق دا طويــــــــــــــــل خالص وبتعبنا في القراءة والفهم معاً ،،، ياريت تقسمها لنا في شكل حلقات
بكري تحياتي
تحياتى واشواقى يا سايمون
انا بخير واتمنى ان يكون الجميع بخير
بعض الملفات لا تحتمل ان تجزأ ولكن ساحاول جاهدا العمل بنصيحتك
كل ودى وتقديرى واحترامى
 
شرفاء المؤتمر الوطنى يسرقون بيت مال المسلمين
... بقلم: الفاضل الهاشمى

حكومة المؤتمر الوطنى تستلم كتاب فسادها من وراء ظهرها أومن جهة يسارها ومن يستلم كتابه من وراء ظهره فؤلئك هم الخائبون. هكذا توقعنا تقرير المراجع العام أبو بكر عبد الله مارن الذى يطل علينا كل عام بلسان حال واحد يقول لقيادة المؤتمر الوطنى: كل عام تُرذلون. (انظر خطابه أمام البرلمان – جريدة الصحافة اكتوبر 2009 وسودانايل)
وهذه لعمرى هى دعاية حزب المؤتمر الوطنى الإنتخابية الحقيقية وفشل دولته وصيغها الإسلامية فليقدم وزير المالية استقالته.

يقول التقرير ان حالات الاعتداء علي المال العام في مؤسسات الدولة (الاسلامية) قد ارتفعت "لتصل الأموال المعتدي عليها الى 5,4 مليون جنيه، خلال الفترة من أول سبتمبر العام الماضي وحتي نهاية أغسطس الفائت، مقارنة بمبلغ 2,4 مليون جنيه، للفترة السابقة"
وقد "طالت المخالفات وزارة المالية" مما اعتبره ديوان المراجع العام اعراضا عن أهدافه ونقضا للقواعد اللائحية وتجاهلا للقرارات المتعلقة بصون المال العام كما "بلغت جملة المال المعتدي عليه بالولايات الشمالية خلال العام المالي السابق، 6089 ألف جنيه، مقارنة بمبلغ 2184 الف جنيه للعام السابق له، بزيادة 179% "
وقد شملت مؤسسات الحكومة الفاسدة الرقابة البيئية وديوان الزكاة وأداء هيئة مياه الخرطوم وهيئة الحج والعمرة وصندوق رعاية الطلاب. وأوضح التقرير ان:

31% من الإعتداءات على المال العام فى نطاق الشركات والهيئات الحكومية.
69% من الإعتداءات على المال العام فى الأجهزة القومية.
وشكّلت خيانة الامانة 90% من المبلغ المعتدي عليه.


 
يعزى التقرير سوءة وهشيم حصاد المشروع الحضارى الذى يطل علينا سنويا بحشفه الى "ضعف الاشراف والرقابة الداخلية" . ان حرّاس بيت مال المسلمين الشرفاء قد نهبو نفائسه وقد تطاير مشروع "القوى الأمين" الإسلامى كالعهن المنفوش تماما كما اصبحت الرقابة الذاتية الداخلية التى تنطلق من إيمان المؤمن بربه كالفراش المبثوث فضعف إنفاذ الرقابة المالية . لقد عملوا على "تجاهل الالتزام بالقواعد والموجهات والقرارات الحاكمة في هذا الشأن" تماما كما عملوا على تجاهل الإلتزام بالقواعد والموجهات الربانية وتقواها فكتب عليهم الفجور.
ومثلما أرهقوا المواطنين والعاملين المستضعفين بالضرائب لم ينسوا أن ينهبوا تعويضاتهم فقد أكّد المراجع العام "وجود مخالفات داخل وزارة المالية تتعلق ببعض البدلات خصما على الاعتماد المخصص لتعويضات العاملين في موازنة 2008م" وتمكّن الدراكوليون المسلمون من مص دماء المسلمين المستضعفين وأصبحوا أئمة وارثين.
بعد كل هذا التوثيق هل سيطل علينا وزير المالية ثانيا متشدّقاً بعزمه بمقاضاة غلوبل ويتنس Global Witness على تقريرها الموّثق "تأجيج مشاعر الريبة: الحاجة الى الشفافية فى صناعة النفط فى السودان ، سبتمبر 2009" بصفحاته الإثنين وستين!! ؟؟ فى حين لايرد على إتهامات ديوان المراجع العام وينقض قواعده ولوائح الديوان ويتجاهل قراراته الصادرة ويعرض عن أهدافه !!
فشلت منذ بداية القرن العشرين صيغ التمويل الإسلامية ولم تستر عُريها اللغة الكاذبة كمسميات "الشهامة" وهى عين الجبن فى أكل السُحت حيث ان رصيدها (رصيد شهادات المشاركة الحكومية "شهامة") المتضخّم ( 3.3 مليار !!!) يتم "تمديده سنويا دون ان يكون هناك ضخ فعلي للسيولة تستفيد منه الوزارة" وتذهب هذه السيولة الى جيوب كوادر ونخب المؤتمر الوطنى ومحسوبيه.
ان موازنة لا يعرف أحد عجزها الفعلى بسبب "تأخر تسوية المصروفات وعدم اضافتها للعام الذي حدثت فيه" والتى بلغت 807 مليار جنيه قد أصبحت بقرة دولة اللبرالية الجديدة الإسلامية المتطفّلة الحلوب.
اذا كان "العائد من الاستثمارات الحكومية خلال العام 2008م، بلغ 129 مليون جنيه، تقل من الربط بنسبة 43% " كما ذكر التقرير فهل ياترى ستكون هذه المعلومات ذريعة لتصفية ماتبقى من القطاع العام وتشكّل جوهر الدعاية الإنتخابية لحزب المؤتمرالوطنى؟؟؟

وتبقى حقيقة ان نواب البرلمان المعيّنين ينامون فى عسل أوهامهم وغفلتهم حين سمّوا مخالفات وزارة المالية والاعتداء على المال العام "صدمة" والأحرى تسميتها الصدمة السنوية وعليهم المطالبة بإستقالة وزير المالية وفكره ومنطقه وأيدلوجيته وليس فقط انهاء "التعامل بشهادات شهامة" كأحد الصيغ الإسلامية المصمّة للّغف والثراء الحرام.
 
تجاوزات بأكثر من مليار جنيه في مشروع تشجير ود مدني
تاج السر ود الخير



كشفت تحريات (التيّار) من مصادر خاصة عن تجاوزات مالية خطيرة في التعاقدات التي أبرمتها ولاية الجزيرة والشركات الخاصة إذ وقعت وزارة الماليه وأعمال النفرة الخضراء عقداً بالأمر المباشر عبر مدير الوزارة السابق بقيمة تتجاوز المليار وثلاثمائة مليون جنيه لتشجير وتجميل المدينة.
ونتيجة لفشل الشركة في المضي قدماً في العمل ضمرت الأزهار الموسمية التي تمت زراعتها بالمدينة مّما اعتبره المختصون أول إخفاق لها في اختيار نوعية الأزهار والذي جاء نتيجة لعدم وجود متابعة من أيّ جهة حسب نص العقد المعيب والذي لم يحدد أية جهة لمتابعة أعمال الشركة. يذكر أنّ الشركه وجدت دعماً ومساعدة من أحد وزراء التخطيط العمراني السابقين -راعي العقد- الذي قام بإحضار الشركة من الخرطوم وخاطب الوالي لكي توقع المالية بالأمر المباشر في عقد الشركة، كما قام الوزير بفتح منزله ليصبح مشتلاً للشركة وأجرى كثيراً من الاتصالات بمنسقيه الخدمة الوطنية للاستعانة بمجنديها للعمل مع الشركة والمشتل. مصدر مسؤول بالوزارة انتقد اللامبالاة وضياع أموال الولاية في كثير من العقودات التي أصبحت المصلحة الشخصية هي السمة الغالبة لها .
 
الفســــاد!! (1) .... بقلم: د. عمر القراي
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)
صدق الله العظيم

بدأ برلمان الحكومة الجديدة، يناقش تحديات المرحلة القادمة، ووردت الإشارة إلى الاستفتاء، ومطالب المواطنين الحياتية في بعض الأقاليم.. وطرح أعضاء المؤتمر الشعبي، قضية اعتقال د. الترابي دون تقديمه للمحاكمة، وتعارض ذلك مع المبادئ الديمقراطية، ومبادئ حقوق الإنسان، وما جاء في خطاب السيد رئيس الجمهورية المنتخب لدى تنصيبه، وأشاروا إلى أن افتتاح العهد الجديد، باعتقال الصحفيين لا يبشر بمستقبل واعد، أو حلول لما ينتظر الوطن من مشاكل مستعصية. ولم ترد فيما أوردت الصحف إجابة على مطالبات أعضاء المؤتمر الشعبي، بل رفع بعض أعضاء المؤتمر الوطني أيديهم يريدون نقاط نظام، ليرفضوا الحديث عن هذا الموضوع، أو يصرفوا المجلس إلى غيره من المسائل..
على انه بالإضافة إلى قضية الاستفتاء، وقضية دارفور، وقضية الحريات، فإن من اكبر التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، قضية الفساد.. خاصة وان المعلومات عن هذا الفساد المستشري، ليست اتهامات من خصومها، وإنما هي حصيلة تقارير المراجع العام، التي تنشر كل عام، والتي أشار في بعضها إلى انه لم يتمكن من مراجعة كل المرافق الحكومية، وإن التي راجعها وجد فيها فساد، وأكل للمال العام.
وسوء الفساد المالي، ليس هو مجرد ضياع أموال الشعب، بيد قلة، وتبديدها لمصالح ذاتية، بينما الناس في أمس الحاجة إليها.. وإنما هو إلى ذلك، مرض في جسد الأمة، تحميه مؤسسات، وتتشابك فيه مصالح، ويضحى في سبيله بالناس، وتتسع بسببه الشقة بين الفقراء الشرفاء الكادحين، والمفسدين المتخمين، الذي خلقوا طبقة جديدة في المجتمع، تنشر الرذيلة، وتستنكف أن تتعامل مع بقية خلق الله.. والذي ينظر إلى الخرطوم، يجد العمارات الشاهقة تبنى كل يوم، ويحتار من أين أتى أصحابها بالمال الذي بنوها به؟! فلو كانت العمارة مكونة من 4 أو 5 طوابق، في حي راق في الخرطوم، فإن تكلفتها لا تقل عن 600 مليون جنيه.. فكيف كون صاحبها هذا المبلغ من مرتبه، إذا كان مسئولاً كبيراً في الدولة؟ فإذا افترضنا أن مرتبه الشهري 10 ألف جنيه، فإن مرتبه السنوي 120 ألف جنيه، ولو كان يوفر مرتبه كله لاحتاج إلى 5 ألف سنة، حتى يجمع مبلغ العمارة!! فهل هنالك شك في أمر الفساد الذي قام به هذا العمران المذهل في العاصمة، والناس على أطرافها، يموتون بالجوع، والمرض وفقدان الدواء، والمأوى؟!
على أن الحكومة لن تتمكن من محاربة الفساد، إلا إذا اعترفت به، وسنت القوانين التي تعاقب عليه، وحصرت الأموال الخاصة بالوزراء، والولاة، والمعتمدين، منذ توليهم مناصبهم، وفق قواعد براءة الذمة، وأعادت قانون الثراء الحرام، بصيغة جديدة، أكثر تحديداً، وقدمت ما كشف من فساد للمحاكم، وعزلت من دل التحقيق على تورطه، ولو كان من أعضاء الحزب الحاكم المقربين، وأذاعت كل ذلك للشعب في شفافية تامة. والذي نراه الآن هو أن الحكومة لا تريد أن تعترف بوجود الفساد، فقد جاء أن السيد رئيس الجمهورية (تحدى جميع الأحزاب أو أي جهة خارجية أن تثبت وجود فساد مؤسسي في السودان) (الإنتباهة 11 مارس 2010م). ومعلوم أن الفساد المؤسسي، هو الذي تقوم به مؤسسات الدولة.. ولكن ماذا نعني بالفساد نفسه؟! عرفت منظمة الشفافية الدولية- التي اعتبرت في تقريرها لعام 2008م السودان من أكثر الدول فساداً- الفساد بأنه (استغلال السلطة للمنفعة الخاصة).. وأوضح البنك الدولي، أن من ضمن الأنشطة التي تعتبر عالمياً صوراً من الفساد (استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص.. فالفساد يحدث عندما يقوم موظف بعمل يكسب منه لشخصه على حساب دافع الضرائب كأن يقوم بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمنافسة عامة كما تتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات محلية أو أجنبية أو أعمال خاصة رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية كما يمكن للفساد ان يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتحوير السياسات واللوائح أو تجاوزها لتعيين أو ترقية الأقارب أو سرقة أموال الدولة) (البنك الدولي: شباب من أجل الحكم الصالح - مقدمة عن الفساد).
فمن ضمن صور الفساد المالي الظاهر، ما ورد كثيراً في الصحف، من تقارير المراجع العام، والتي لم نسمع بأن احد المسئولين قد أوقف بسببها، أو عرض للمحاكمة، لأنه كان في وقت ما، الشخص المسئول عن هذه المؤسسة، التي أشارت التقارير إلى أنها نهبت.. كما لم نسمع نفياً من الحكومة أو رداً على ما جاء في الصحف.. ومن ذلك مثلاً نقرأ (نهب الأموال العامة بكافة المسميات بلغت 12 مليار جنيه "بالجديد" من جملة 18 مليار جنيه " بالجديد" هي حصيلة الإيرادات الذاتية للدولة لعام 2008م وذلك اعتمادا على تقرير المراجع العام!. وأدناه جدول يوضح تقديراً أولياً لمجموع المال "المنهوب" من 1995 إلى العام 2009م ) (الميدان 25/3/2010م – من أجل صورة كاملة للجدول أرجع للميدان)
هذه الأموال الطائلة من الذي سرقها؟! ولماذا لم يحاسب؟! وهل يمكن أن يفسر التستر عليه بأي شيء غير الفساد؟! وهل يمكن أن يسامح المفسد والمتستر عليه، ويعذران، لأنهما من أعضاء الحركة الإسلامية أو الحزب الحاكم، وإن فضحهما، ومعاقبتهما، ستضر بالحركة الإسلامية، أو ستفقد الحزب كوادره وتضعفه أمام خصومه؟! أم أن سبب التستر هو خشية المزيد من الفضائح، لو وقع الخلاف بين أعضاء التنظيم؟!
عندما وقع الخلاف بين الإسلاميين عام 1999م، وانقسموا إلى مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي، أثيرت قضية (طريق الإنقاذ الغربي)، الذي لم ينفذ لأن أمواله نهبت.. وقد قدر الأستاذ أمين بناني وهو من قيادات الإسلاميين البارزة هذه الأموال بأنها 40 مليار جنيه (الأيام 16/11/2001م).. أما السيد رئيس الجمهورية فقد قال: (اللجنة الشعبية السابقة تعهدت بإنشاء القطاع خلال عامين بكلفة 34 مليون دولار، وفي وقت كلف القطاع الآن 27 مليون دولار.. أين ذهبت بقية الأموال؟)(الصحافة 12/7/2002م). ولقد أتهم المؤتمر الوطني الدكتور علي الحاج، الذي أصبح من ابرز وجوه المؤتمر الشعبي، بسرقة هذه الأموال، فقال قولته المشهورة (خلوها مستورة).. والتي تناولتها الصحف في وقتها، ولقد فهم الناس أنها تنطوي على تهديد للمؤتمر الوطني، بأنه لو أثار قضية (طريق الإنقاذ الغربي)، فإن علي الحاج لديه معلومات أخطر من هذه، يمكن أن يذيعها فيتضرر منها المؤتمر الوطني!! ولدهشة المواطنين، فإن تهديد علي الحاج، قد كان مؤثراً!! إذ قال السيد رئيس الجمهورية، أمام حشد كبير من المواطنين، في احتفال افتتاح المرحلة الأولى من الطريق، في 20/7/2002م (الذين نهبوا أموال اليتامى والمساكين خليناهم لي الله )!! ومعلوم بطبيعة الحال، إن مثل هذا القول لا تزينه فضيلة العفو عند المقدرة، لأن المتهم طليق ولم يقبض عليه.. كما أن المساكين واليتامى، هم الذين يجب أن يعفوا، ما دامت الأموال تخصهم، لا أن يعفو باسمهم الحاكم، الذي لم يستطع أن يرد لهم حقهم من الذين نهبوه..
ومن صور الفساد، التي أظهرها خلاف الإسلاميين أيضاً، ما كتبه الصحفي الأستاذ الهندي عزالدين في صحيفة " الأهرام اليوم"، في عموده اليومي "شهادتي لله"، فقد قال (والفضيحة المالية المعروفة لدى أعضاء وقواعد المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بالثورة وسط الفضيحة التي وثقتها محاضر التحقيق وحددتها بمبلغ "100 مليون جنيه" تكفي وحدها لتأكيد فداحة الفساد السياسي بمحلية كرري!! لماذا سكت "المؤتمر الوطني" بالولاية والمحلية على هذه الفضيحة، لماذا لملمها وغطى أطرافها، وتجاوز عنها، وترك المتهمين على مقاعد قيادة العمل السياسي بالمحلية وقدمهم ليكونوا "واجهة" لحزب مشروعه الإسلام ورئيسه " البشير"؟! ) (الأهرام اليوم 11/3/2010م). وبالإضافة إلى أسئلة الأستاذ الهندي عز الدين، فإن من حقنا أن نسأل لماذا سكت الهندي نفسه عن توضيح تفاصيل هذه الجريمة، التي ألمح إليها ولم يذكر تفاصيلها؟! ألا يرى إن عدم توضيح ما يعرف من تفاصيل، كتمان للشهادة، يستوجب مقت الله وعقابه؟! ثم ما موقفه من حزب المؤتمر الوطني، بعد أن قال انه يقدم غير المؤهلين، ويتستر على الفساد ويزعم ان مشروعه هو الإسلام؟! وفي الحق إن المشكلة الحقيقية، هي في إدعاء الدين، والتمسح به، وممارسة ما يتنافى معه من الأخلاق، مما يعد من النفاق، والنفاق هو أسوأ خصال الرجال. فلو كانت كل هذه الممارسات، لا تتم باسم الدين، لكان من السهل كشفها، وتعرية مرتكبيها.. ولكن التضليل بالدين، وسط شعب محب للدين، هو ما جعل كثير من المواطنين، لا يعرفون، ولا يقبلون، نقد حركة الإسلام السياسي، التي أضرت بهذه البلاد.

ومن أسوأ أنواع الفساد، ألا يطبق القانون على الجميع بمساواة تامة.. فقد دهش المواطنون، حين انهارت جامعة الرباط، وأشارت أصابع الاتهام للفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الداخلية آنذاك، حتى أجبر للاستقالة من منصبه، انتظارا للمساءلة القانونية، التي يقتضيها الحال.. ولكنه بدلاً من أن يساءل، ويعرف سبب انهيار المبنى، ومدى صلاحية التصميم، والمواد، ذكر السيد رئيس الجمهورية أن استقالته، إنما هي استراحة محارب، ثم أعيد بترقية، إذ أصبح وزيراً للدفاع مكافأة له على فعلته!! فهل كان يمكن أن يخطئ مواطن عادي، لا علاقة له بالمؤتمر الوطني، مثل هذا الخطأ، ثم يفلت من المحاسبة عليه؟! جاء في الحديث الشريف (إنما اهلك من كان قبلكم إنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها). هذا هو نهج المعصوم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهو صمام الأمان ضد الفساد، بكل أشكاله، وأنواعه، وطرقه.. وهو ما يجب ان تعكف الحكومة الجديدة على دراسته، ووضع الوسائل التي تعينها على اجتثاثه، فإنه تحدي لا يقل عن الاستفتاء، والتحول الديمقراطي، وإحلال السلام في دارفور
 
رداً على د. محمد وقيع الله
أحلام وقيع الله التي تحققت ..!!
خالد أبواحمد

صُدمت كما صُدم غيري من الصورة التي أعتبرها قبيحة تلك التي ظهر بها د. محمد وقيع الله والتي لا اعتبرها ذلة قلم بل هي مكمن الداء للكثير من دعاة التبصر، الذين يرون أن علومهم النظرية التي تلقوها تجعلهم على بصيرة من أمور الحياة أكثر من غيرهم، ولو كان الاخرين قد اعتمدوا على التجربة بالبرهان والدليل العملي بعيدا عن التنظير.
كنت أضع في ذهني صورة جميلة للغاية عن د. محمد وقيع الله ولو أنني لم ألتقي به إلا مرات قليلة وعلى عجالة أيام فترة التنظير للحركة الاسلامية في منتصف الثمانينيات وكنت أقرأ له كثيراً عندما يكتب عن الفكر الإسلامي،وتشدني مقالاته الرصينة، ولا زلت استمتع بها بين الفينة والأخرى أطالعها عبر موقع الجالية السودانية بالولايات المتحدة الأمريكية.
وفي فترة من الفترات أيام الديمقراطية الثالثة كانت هناك أقوال تتداول داخل مجتمعات الحركة الإسلامية مفادها أن د. حسن الترابي سئل ذات مرة عن خليفته في قيادة الحركة، وتقول الرواية أن الترابي قال "محمد وقيع الله- التجاني عبد القادر- أمين حسن عمر"، وفي رواية أخرى قيل "أحمد عثمان مكي قائد ثورة شعبان عليه رحمة الله ومغفرته- محمد وقيع الله – المحبوب عبد السلام" وهنالك روايات أخرى، والشاهد في المسألة أن اسم محمد وقيع الله ورد في كل الروايات المتداولة الأمر الذي جعل له حظوة واحترام القاعدة له وتقديره، ونحن السودانيون جميعنا نحتفي بالعُلماء وأهل الذكر، ونطرب لمطالعة إنتاجهم الفكري والأدبي مثلما أطربتنا من قبل مقالات مالك بن نبي ومحمد عبده والإمام حسن البنا إلخ، وقبل عقود من الزمان كان هذا الإنتاج له قيمته الفكرية والحضارية ولعب دوراً كبيراً في فتح الآفاق نحو التزود بالعلم وبالمزيد من التفكر والتأمل في هذا الكون العجيب.

المهم كان محمد وقيع الله يمثل بالنسبة للشباب الإسلامي القدوة الحسنى والأمل المُرتجى، وشخصي الضعيف سعدت أيما سعادة لكون واحداً من نخبة الإسلاميين الشباب يتزود بالعمل من الجامعات الأمريكية والغربية بحيث يُصبح رصيداً للحركة الإسلامية مع باقي الكفاءات والكوادر التي تقود دولاب العمل الإسلامي، لكني لم أتوقع ألبته أن أفجع في محمد وقيع الله هذه الفجيعة،لكن..
ولكن هذه تقطع القلب .. وتهده هداً..!

وعندما جاءت مساجلة د. وقيع الله مع د. الأفندي سقط في مخيلتي ذلك (المثال) الجميل والذي كنت أحبه وأترقبه كلما أصدر نتاجاً،،، مقالاً كان أو محاضرة تتداولها المجتمعات بالرصد والإعجاب والمفاخرة.
ولكنه سقط تماماً مثل أصنام كفار قريش، كانوا يصنعون التماثيل من العجوة، وعندما يجوع أحدهم يأكله ويسد به رمقه، أو صنماً من الخشب عندما تضيق به الدنيا يكسره ويرفسه رفساً برجليه..!.

كنت أقرأ ردود د. محمد وقيع الله باندهاش شديد وما فيها من سب وشتيمة وهمز ولمز لا تليق أبدا بالعُلماء ولا بالسنوات الطويلة والعجاف التي قارع فيها وقيع الله المكتبات وأُمهات الكُتب والمراجع، وحقيقة لم يسقط في يدي بل في يد الجميع الذين أتوقع أن يكونوا قد صُدموا أكثر مني، وعندما يكون السب والشتم وعدم المصداقية ديدن العالم (بكسر اللام) فما شان ضئيلي المعرفة من أمثالي، ليته وقف عند سب وشتم (الأفندي) إذا به يُعدد خمسون انجازاً لحكم (الإنقاذ) ليس هذا فحسب بل طفق ينتقد مواقف الآخرين من القائمين على السلطة التي قال فيها من لم يقله مالك في الخمر..
ومبعث الألم هنا أنني يوما ما كنت أظن و(أن بعض الظن اثم) أن الاسلاميين أكثر من غيرهم إعمالاً لأدب الحوار تنزيلاً لكل معاني الدين القيم على أرض الخلافات، لكن للأسف بالدليل العملي سقطت لدي هذه النظرية وخاب ظني تماماً خاصة في مرحلة الخلافات فيما عرف بالرابع من رمضان، ثم جاء د. محمد وقيع الله ليؤكد أنه حتى قادة الشباب من المفكرين هم على الدرب سائرون ومُقتدون..!!
ويوماً ما تابعت بسعادة غامرة مساجلات تحلت بالأدب الرصين والاخلاق الاسلامية الحقة في حوارات جمعت د.منصور خالد والاستاذ محمد ابوالقاسم حاج حمد عليه الرحمة والمغفرة، تعلمت منها الكثير من القيم والمبادئ، ثم تابعت مساجلات اخي العزيز المرحوم طه أبوقرجة مع د. خالد المبارك وما اتسمت به من أخلاق رفيعة في أدب الحوار، ثم أصبحت أقرأ لـ د. الطيب زين العابدين و للاستاذة أبوبكر القاضي و كمال الجزولي والحاج وراق وعثمان ميرغني، وجدت واقعية وأدب حقيقي في التناول جاء به الاسلام، لكنني لم اتوقع أبدا أن تكون هنالك مساجلة لـ د.محمد وقيع الله بهذا المستوى من الانحطاط بل الحقد والكراهية على كاتب عالم ومفكر بسبب أنه انتقد النظام نقد موضوعي وبأدب اسلامي رصين، ولم يجنح إلى الشتيمة والهمز واللمز.
لا أحمل كراهية ضد الأخ محمد وقيع الله ولا أعتبر نفسي في هذا المحك مُنافساً له فهو رجل قد رزقه الله تعالى ويسر له الدراسة وتلقي العلوم حتى نال درجة الدكتوراه وهنيئاً له بذلك، أما العبد الفقير لله لم أنل حظاً من العلم الأكاديمي كما أوتي وقيع الله، والآن أسابق الزمن مع أولادي لتلقي العلم، لكنني أفتخر بتجاربي في الحياة وخبرتي الطويلة في المجال الإعلامي والحمد لله التي بلغت قرابة الربع قرن من الزمان، واعتبر نفسي استفدت من الحركة الإسلامية أكثر بكثير من أخي وقيع الله لأن تجربتي هنا تجربة متكاملة نظرية وصقلت بالعمل في ظل (الإنقاذ) التي عصفت بنا في كل أرجاء السودان شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً وهذا فضل من الله لا يُقدّر بثمن، ونلت معرفة لم ينلها الأخ وقيع الله، فكل دراسته الأكاديمية المرتبطة بجوانب الفكر الإسلامي ما هي إلا تجارب نظرية فقط، مهما وصل صاحبها من علوم نظرية لا يمكن باي حال من الأحوال أن يصل للنتائج التي وصلنا إليها نحن الذين عشنا فترة التنظير والتطبيق، وشاهدنا بأم أعيننا مخازي ومآسي وكوارث التطبيق
 
السقوط المدوي
والدكتور محمد وقيع الله في موقفه من تقييم نظام (الإنقاذ الوطني) مثل ذلك الطالب الذي غاب عن الدراسة سنوات طويلة ثم رغب آخيراً في مواصلة دراسته لكن مع دفعته الدراسية، وأصر إصراراً شديداً على أن يمتحن معهم ففعل لكنه سقط سقوطاً مدوياً..!!
شخصياً أحسب أن الحركة الإسلامية في السودان مدرسة كبيرة نال كل منا نصيبه من المعرفة حسب استعداده الشخصي وميوله والبيئة التي عاش فيها، لكن أخينا محمد وقيع الله غاب عن هذه المدرسة سنوات طويلة وحضر معنا مرحلة من مراحل التنظير، وقبل مرحلة التطبيق بكثير غادر السودان ولم يعش معنا مراحل الابتلاءات ولا مراحل الفتن، وجاء مُؤخراً في مرحلة السقوط والانهيار لمبادئ الحركة، يُريد أن يغالط الحقائق والواقع والمنطق والشواهد التي لا ينكرها إلا عليل سقيم، وكان يكفيه فقط أن يذهب الى تجمعات جرحي الحرب من ضحايا الألغام يدرك حجم الأسى وحجم ما وقعت فيه (الانقاذ) وكان يكفي محمد وقيع الله أن يذهب الى منظمة الشهيد ويفتح الملفات ليعرف الأعداد الحقيقية لضحايا الحرب في السودان من الكفاءات والخبرات ومن طلبة الجامعات في كل التخصصات ليدرك بوعي كامل حجم الدمار والخسارة التي اوقعتها (الانقاذ) في السودان.
وعندما يُعدد الأخ وقيع الله انجازات (الإنقاذ) المادية فإنه لم يأتي بجديد ولم ينكر أي من المعارضين للحُكم هذه (الانجازات) المادية التي أبعد ما تكون من جوهر ما جاءت به الحركة بعد الانقلاب المشئوم في 1989م، كما انه ليس من المنطقي أن نُحاكم النظام بالانجازات التي ذكرها وقيع الله، حتى الانجازات التي تحدث عنها وقيع الله إذا تطرقنا فيها إلى التفاصيل سنثبت الكثير من الأخطاء والعواقب المستقبلية التي تحيطها والقنابل المؤقوتة في أكثر من مكان، لكن السودانيين يحاسبون النظام بالنهج الذي جاء به، وبالبرنامج الذي أعلنه من خلال حركته اليومية في الإعلام والعلاقات الدولية والدبلوماسية، كما لم يكن في حسابات الذين اجتمعوا في ذلك الشهر من العام 1989م ليقرروا ما إذا كانت ساعة التغيير حانت أم لا أن يضعوا الانجازات المذكورة في حساباتهم، أبداً كان الهم الكبير يتلخص في (التمكين لدين الله في السودان)، وقد طالع القُراء مقالات محمد وقيع الله التي عدّد فيها انجازات النظام انه هرب بشكل واضح وجلي من التطرق إلى نتائج الحكم في تردي الأخلاق وانتشار الدعارة بكل أنواعها والجريمة المنظمة، والزيادة الفلكية في أعداد المصابين بالإيدز (الآن يعقد في العاصمة الخرطوم مؤتمر دولي يبحث مشكلة انتشار المرض في السودان) وانتشار المخدرات بين طلبة الجامعات، والازياد الخطير في معدلات الطلاق، والهجرة الى الخارج، وهرب د. محمد وقيع الله هروب النعامة من الملفات التي تتحدث عنها الصحافة السودانية في ذات الايام التي كان صاحبنا يدبج في مقالاته مُعدداً إنجازات دولة بني أمية في السودان، هارباً من ملف (الأطفال مجهولي الوالدين) وموتهم بالعشرات يومياً ودفنهم بعيداً عن الأعين.
 
انجازات (الإنقاذ)
تحدث وقيع الله عن انجازات النظام على محيط (التدين) والارتقاء بالإنسان السوداني، هذا هو المحك الحقيقي لكنني هنا لا بد أن أقدم مختصراً للدروس العملية التي غاب عنها الأخ وقيع الله سنين عدداً، وشخصي صحفي وإعلامي وحركي غصت في أعمق مؤسسات الحركة الإعلامية والجهادية والتنظيمية، الأمر الذي يؤكد أن ما أقوله ليس أكاذيب ولا إملاءات من أحد انما أحداث عشتها لحظة بلحظة.
التجاوزات الإنسانية وانتهاك التشريعات الإسلامية والدولية..!!
كل السودان عاش سنوات الحديث عن تمسك الحكومة بالإسلام بل والدفاع عنه من كيد المتربصين، لكن من خلال معايشة في "مؤسسة الفداء للإنتاج الإعلامي" كمعد للبرنامج التلفزيوني الشهير بدأت تتكشف لي من خلال الأشرطة الخام التي كانت تأتينا من مناطق القتال ما لا يمكن أن يتصوره عاقل، و تحديداً من أحد الأشرطة الخام التي جاءتنا من منطقة شمال أعالي النيل متحرك (هدير الحق) عندما دخلوا منطقة شالي في النصف الثاني من التسعينات وهرب جنود الحركة الشعبية كان هناك طفل في الـ 14 أو 15 من عمره لم يتمكن من الهرب قاموا بقتله مع صيحات التكبير والتهليل وتم قتل كل الأسرى الذين كانوا داخل المعسكرات، وكان الشريط الخام يحتوي على مشاهد ليس لها أي علاقة بمن يدين بالإسلام ديناً، وعندما كنت أشاهد الشريط لفت بي الدنيا وكنت أحسب نفسي في كابوس لكنها كانت الحقيقة، علماً أن الأشرطة التي كانت تصلنا من مناطق القتال لا يشاهدها إلا مُعد الحلقة والمخرج، ويمنع منعاً باتاً للآخرين مشاهدتها لما فيها من تجاوزات.
وفي الكثير من الأشرطة التي كانت موجودة في مكتبة المؤسسة كانت مشاهد دخول القوات الحكومية إلى بعض القرى في جنوب السودان منظراً لا يمكن أن يُنسى من ذاكرتي أبداً، حيث يتم حرق البيوت المصنوعة من القش في مشاهد همجية وأحياناً يكون هناك بشر داخل هذه البيوت وتسمع صراخ العساكر وهم في حالة هستيريا ويطلقون النار عشوائياً، لا يمكن أبداً أن يكون ذلك إسلاماً مهما كانت المبررات، وضرب القرآن الكريم والحديث النبوي الواضح عرض الحائط إذ يقول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم:
"لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا إمرأة ولا شيخاً فانياً ولا مُنعزلاً بصومعته, ولا تحرقوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناء"، لكنهم يا رسول الله عليك أفضل الصلاة وأتم التسليم فعلوا أكثر من ذلك بكثير...
المؤسسة نفسها (ساحات الفداء) تعج بالفساد المالي والإداري وكان يرأس مجلس إدارتها الوزير الحالي أسامة عبد الله محمد وزير الدولة بالري المسئول الأول عن خزان مروي، ويديرها مدير مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة حالياً كمال حسن علي، وكان نفر من السُراق يلعبون بالمال لعباً باعتبار المؤسسة فوق الجميع، والكُل يخاف منها حتى رئاسة الجمهورية كانت تخشى سؤال القائمين على أمر المؤسسة خوفاً من ردة الفعل، حيث كان القائمين على المؤسسة يذكرون للبعض أن (ساحات الفداء تابعة لأمن الثورة) وكان البعض يقول (ساحات الفداء تابعة لإبراهيم شمس الدين) في حين أن المرحوم العقيد إبراهيم شمس الدين نفسه كان يتحفظ على ما يحدث في المؤسسة من تصرفات ومن ألاعيب.
ويوماً ما كان لدي عمل مع الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اللواء آنذاك عبد الرحمن سرالختم باعتباره المسئول عن التوجيه المعنوي وكان اللقاء بخصوص إنتاج حلقة خاصة بمناسبة عيد الجيش الذي يحتفل به سنوياً في 14 أغسطس، وبعد الانتهاء من الحديث والنقاش حول الحلقة، قام سرالختم بإغلاق باب مكتبه فقال ليّ ضاحكاً ( وهو الآن حي يُرزق) " ياخي بكل الصراحة أنا عاوز أعرف إنتو تابعين لمنو..؟؟" فضحكت ولم أرد، فكرر سؤاله مرة أخرى "إنتو تابعين لمنو ومن حقي أن أعرف انتو تقوموا بشغلنا ونحن سعيدين بذلك لإمكانياتكم الضخمة وعملكم المُتقن، وانا ما عارف انتو مدنيين ولا عسكريين، لكن قول لي انتو مع سعادة إبراهيم شمس الدين..؟؟ ولا تابعين للتنظيم؟؟"، ومن هنا يدرك القاري كيف أن القائمون على المؤسسة كانوا يلعبون على ضبابية أيلولة المؤسسة، وهذه المسألة كانت تعود بالفائدة على هولاء من كل النواحي الاجتماعية والأدبية والمالية.
فعلاً كانت أسئلة عبدالرحمن سرالختم وجيهة للغاية وقد لا يتصور المرء المنصب الكبير للناطق الرسمي والمكانة الكبيرة التي يتميز بها ومدير المكتب برتية عميد والموظفين العسكريين بالرتب العالية، ورتبة لواء في الجيش السوداني ليس بالأمر الهين، كونه لا يعلم شيئاً عن جهاز إعلامي كبير يتقمص دور إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة، وليس له أي سلطان عليه، والميزانية كانت مفتوحة ويتم شراء الأجهزة من دبي بدون مناقصات، وقد أثري مجموعة من ثلاثة أو اربعة أشخاص ثراءً كبيراً بسبب موجات الشراء العشوائية، وتم نشر كل ما يتعلق بالفضائح المالية، ولا حياة لمن تنادي ذلك لأن الفساد انتشر في السواد الأعظم من دولاب الدولة، فيما مؤسسات الحركة (الإسلامية) بعيدة كل البعد عن الرقابة المالية، ليس هذا فحسب بل مؤسسة مثل (ساحات الفداء) يخاف منها الكثير من الناس، الأمر الذي جعل وزارة المالية تصرف للمؤسسة شهريا مبلغاً كبيراً بدون وجه حق، في حين أن الامكانيات التي تزخر بها المؤسسة يجعلها داعمة وليس تتلقى الدعم، لا رقابة مالية ولا إدارية والمسئول الأول من المؤسسة أحد (رجالات) علي عثمان محمد طه ومرفوع عنه القلم..!!
 
لك التحيه اخي بكري وامد الله في عمرك:
اضيف الي قولك ان (همباتة)الموتمر الوطني اتبعوا هذه السياسه لكي لا يسألو(ماشين وين وجايين من وين)
لاحظ اخي ان الوظائف الغالبة (ان لم تكن الوحيدة) التي تتيحها الدوله (او مؤتمر الهمباته) هي الوظائف التي لا يرجي منها عائدات للاقتصاد ( امن - شرطة- مخابرات واستخبارات - وما خفي اعظم) ناس بتاخد قروش من غير ما تصنع او تزرع او تحصد وما بتقدم للبلد غير النوم في معسكرات الخدمة والاكل (بالملايين ) والشرب بالملايين) ...كان رفعته طوبة تلقي تحتها عسكري...(السودان اصبح جيش له دولة وليس دولة لها جيش) فليفتحو الوظائف لمن هو خارج مؤتمرهم ان كانو يزعمون الدمغراطية
 
انجازات (الإنقاذ)
من خلال معايشة في "مؤسسة الفداء للإنتاج الإعلامي" كمعد للبرنامج التلفزيوني الشهير بدأت تتكشف لي من خلال الأشرطة الخام التي كانت تأتينا من مناطق القتال ما لا يمكن أن يتصوره عاقل، و تحديداً من أحد الأشرطة الخام التي جاءتنا من منطقة شمال أعالي النيل متحرك (هدير الحق) عندما دخلوا منطقة شالي في النصف الثاني من التسعينات وهرب جنود الحركة الشعبية كان هناك طفل في الـ 14 أو 15 من عمره لم يتمكن من الهرب قاموا بقتله مع صيحات التكبير والتهليل وتم قتل كل الأسرى الذين كانوا داخل المعسكرات، وكان الشريط الخام يحتوي على مشاهد ليس لها أي علاقة بمن يدين بالإسلام ديناً، وعندما كنت أشاهد الشريط لفت بي الدنيا وكنت أحسب نفسي في كابوس لكنها كانت الحقيقة، علماً أن الأشرطة التي كانت تصلنا من مناطق القتال لا يشاهدها إلا مُعد الحلقة والمخرج، ويمنع منعاً باتاً للآخرين مشاهدتها لما فيها من تجاوزات.
وفي الكثير من الأشرطة التي كانت موجودة في مكتبة المؤسسة كانت مشاهد دخول القوات الحكومية إلى بعض القرى في جنوب السودان منظراً لا يمكن أن يُنسى من ذاكرتي أبداً، حيث يتم حرق البيوت المصنوعة من القش في مشاهد همجية وأحياناً يكون هناك بشر داخل هذه البيوت وتسمع صراخ العساكر وهم في حالة هستيريا ويطلقون النار عشوائياً، لا يمكن أبداً أن يكون ذلك إسلاماً مهما كانت المبررات، وضرب القرآن الكريم والحديث النبوي الواضح عرض الحائط إذ يقول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم:
"لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا إمرأة ولا شيخاً فانياً ولا مُنعزلاً بصومعته, ولا تحرقوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناء"، لكنهم يا رسول الله عليك أفضل الصلاة وأتم التسليم فعلوا أكثر من ذلك بكثير...
..!!

بكري
تحياتي ،،، الله يطول عمرك
انا اقتبست الفوق دا لحاجتين
اولاً عشان ناكد ليك انو في ناس قاعدين يقروا كلامك موتابعيين
ثانياً عشان انت ابرات زمتك من الاعمال الشيطانية الحصلت دي
واصل واصل يا استاذ نحن متابعين
 
الاخوة الغاليين / نزارعادل وسايمون
تحياتى واحترامى وشكرا على المتابعة
ولسع الموضوع طويل والفضائح كتيرة بس طولوا بالكم معاى
تخريمة سايمون البتحدث ده ما انا ده احد الكيزان ما تفتكر ده انا يا غالى
مع كل ودى وتقديرى واحترامى
 
دولة العدل الرشيدة..!!
وقد لا يصدق المرء أن القائمين على هذه المؤسسة هم أنفسم القائمين على أرواح أبناءنا في معسكرات الخدمة الالزامية، فمجموعة من رجال المستقبل طلاب على وجه الجامعات ماتوا ضرباً مبرحاً داخل معسكرات الخدمة (الوطنية) الإلزامية، وعندما ذهبت إحدى أسر الضحايا إلى وزيرالعدل تشتكي القوات المسلحة بعد أن أكد تقرير الطبيب الشرعي د.عبد الله عقيل بمشرحة مستشفى الخرطوم أن الوفاة كانت لنتيجة ضرب في أماكن مختلفة من الجسم، قال لهم وزير العدل آنذاك (عل محمد عثمان ياسين)" أذهبوا أن القوات المسلحة مؤسسة سيادية لا أحد يستطيع محاكمتها".
اخي وقيع الله التقرير الطبي موجود والشهود موجودين والدكتور الطبيب الشرعي عبد الله عقيل سوار موجود، ليس قضية واحدة بل قضايا كثيرة..!! هذه دولة الإنقاذ التي تدافع عنها وتطلب وُدها..!!
كلما أسرد هذه الواقعة أتذكر نفسي وأنا انشد وأهتف باندفاع الشباب
لا أبالي لا أبالي انني شعبُ رسالي********** قد تربى بين قرآن وساحات القتال
مسلم قالت جموعي لست بعثي لا شيوعي *** عانقت أصلي فروعي رافضاً أي انفصال
سوف نبني بالعقيدة دولة العدل الرشيدة****** لا دويلات عديدة شيدت فوق الرمال
قد عشقت البندقية هاتفاً عندي قضية ******سحق حزب الماركسية انه حزب ضلالي
وقد بان أن كل ماكانت تخالفه الابيات أصبح واقعاً..

السودان وقد أصبح دويلات عديدة- انفصل عن كل تجاربه السياسية السابقة وعن محيطه الاسلامي بهذه التجربة التي لا يمكن أبداً أن نجد لها وصفاً يمكن ان يليق بما فعلته في السودان- حزب الماركسية الشيوعي السوداني ما أظن أنه اذا استلم الُسلطة يوماً أن يفعل في السودان ما فعلته (الانقاذ) وأهم شئ أنه سوف لا يتاجر بالدين ولا يرفع شعار الاسلام، وأن البندقية التي استخدمتها الحركة الاسلامية لم تجلب لنا إلا الدمار والقتل والابادة الجماعية التي أصبحت وصمة عار في جبين الحكم وهو يتحدث ويرفع شعار الاسلام، وقد بان واضحاً أن القضية هي الانتصار للنفس وقد سادت عقلية (التكويش) وقريباً ستظهر العقارات التي تم شراؤها في تركيا وفي ماليزيا، حتى زوجة الرئيس الجديدة أصبحت تنافس كبار التجار في العاصمة وقد تم إعطاؤها مشروع صالات وقاعات كبيرة لعدد من الجامعات، ثو قامت بشراء منتجع كبير في إحدى دول النمور الآسيوية، وبعد أن كانت محبوسة بين جدران بيوت جهاز الأمن بالقرب من المطار أصبحت ست أعمال كبيرة تتحدث بالارقام الكبيرة، فيما تم إعطاء أصغر أشقاء الرئيس رخصة لتصدير الماشية السودانية التي أصبحت حكراً على أشخاص بعينهم.. رحمك الله أخي عثمان حسن البشير طبت في علياءك بًعداً عن أكل السحت وقد كنت تقود الموتر (السوزوكي الأسود) وتجتهد في تعليم الناس قراءة (القرآن الكريم) وتحتفل وتسعد عندما تجد الجميع قد جلس على الأرض وبدأت التلاوة وزرفت الدموع الحرى محبة في الحبيب المصطفى.
 
فساد المهندس..!!
وثالثة الأثافي أن (المهندس) المدير العام لمجموعة شركات أحد البنوك السودانية المشهورة قد أفسد فساداً ليس له نظير في تاريخ السودان، وقد كُنا في الوسط الصحفي في فترة ( 1994-1998) نتبادل وثائق فضائحه المالية ونحن صحفيي الحركة (الإسلامية) نعرفه جيداً ونعرف الفاسدين معه وعندما أصبحت المسالة حديث كل مجالس الحركة الإسلامية قررت أحد الجهات وضع حداً لفساد الرجل المهندس فتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وأعرف شخصياً رئيسها وقدم ملف الفساد بالأدلة إلى ديوان الثراء الحرام وأثناء البحث والتقصي ودراسة القضية جاء وفد من جهة عليا وطلب ملف المهندس الفاسد وعرّف أحدهم نفسه بأنه مرسل من (رئاسة الجمهورية) لاستلام ملف فساد الشخصي المعني بل قام بتأنيب القائمين على أمر الديوان على فعلتهم ونيتهم في محاسبة الرجل.. وإلى هذه اللحظة لم يُقدم الرجل للمحاكمة أما مجموعة البنك فقد راحت في خبر كان، هذه قصة يعرفها كل قيادات وأعضاء الحركة الإسلامية وكل المنتمين للمؤتمرين الوطني والشعبي..!!.
هذا قليل من كثير..!!

هرب وقيع الله هروباً مخزياً عن ملفات الفساد المالي ووهنا أقتبس فقرة من مقال الاستاذ أسامة بابكر حسن في رده على وقيع الله "فطوال عمرنا هذا لم نسمع بأي مسئول، صغيراً أو كبيراً في حكومة الإنقاذ وقف أمام محكمة في أي قضية، بينما وقف الإمام العظيم أستاذ الإنسانية علي بن أبي طالب الذي منحهالرسول (ص) صفة " أقضى الناس" أمام قاضي دولته في خلاف مع يهودي على درع، والإمام يعلم كذب اليهودي في دعواه، لكنه وقف أمام القاضي لكي تنتظم ثقافة العدل المجتمع ليثبت في المجتمع حديث الرسول (( الناس سواسية))، ولكن حدث ذلك في أمريكا في عهد كلينتون الذي لا يحكم بالإسلام ووقف حاكم أكبر دولة في العصر الحديث أمام المحكمة وهو لم يضع قانوناً للحسبة شرط به أئمة المساجد آذان الناس تنظيراً".!!
أطفال جيش الرب
بطبيعة الحال أن كل الذين شاركوا في الحرب اللعينة التي قتل فيها السوداني أخوه (السوداني) سواء في جنوب، أو في شرق أو غرب السودان، تمر عليهم الكثير من الذكريات المؤلمة، أنني شخصيا أشعر بتأنيب ضمير شديد عندما كنت في جنوب السودان في ديسمبر من العام 1995م فيما يعرف برد الهجوم الذي أطلقت عليه الحركة الشعبية (الأمطار الغزيرة) هذه العملية العسكرية الكبيرة والتي قتل فيها المئات بل آلاف السودانيين من الجانبين، تختلف عن كل العمليات العسكرية في جنوب السودان لما فيها من مفارقات وتجاوزات إنسانية، تجعل من الهدف الكبير للحرب ضد (المتمردين) علامات استفهام كبيرة متمثلة في الموقف اللا إنساني للحكومة السودانية إذ استعانت لفترات طويلة بجيش الرب اليوغندي الذي يتزعمه المتمرد اليوغندي جوزيف كوني وهذا الجيش للأسف استعان بمشاركته إلى جانبنا بحوالي الألف طفل من مجموع 2000 طفل كان موجودين تحت قيادة جيش الرب في المنطقة الاستوائية، والأطفال اليوغندين التابعين لجيش الرب الذين كانوا معنا في ذلك اليوم تبلغ أعمارهم ما بين الثامنة والرابعة عشرة عاماً من الجنسين، وبالكاد تميز الذكر من الأنثى.
 
كانت لحظات محزنة وشعرت فيها بالألم النفسي لوجود هولاء الأطفال معنا في مكان واحد وكان منظرهم يُدمي القلوب وهو يحملون الآليات والأسلحة الثقيلة، ومهما يحاول المرء لا يمكن أبدا أن يصور هذه المناظر المرعبة، عشرات من الأنفس البريئة كانت تطوف حولنا في مساء يوم بارد استعدادا للهجوم على أكبر معسكرات (الحركة الشعبية) في الميل 72 في طريق مدينة نمولي الحدودية مع يوغندا تحديداً يوم الأربعاء الموافق 12 ديسمبر 1995م، أطفال في سن البراءة الواحد منهم يحمل فوق طاقته وما زنته 40 كيلو جرام أو أكثر من العتاد العسكري الثقيل وصناديق الذخيرة، والذين حملوا مثل هذه الصناديق يعرفون كم هي قاسية الحمل في مسيرة قد تبلغ الساعات الطوال، وأحيانا اياما من السير في الطرق الوعرة، والرطوبة العالية حيث تتبلي الملابس تماما مما تُصيب المرء بالإعياء وفي الغالب التهاب الصدر و المفاصل الذي يعيق الحركة، وهذا ما حدث لي شخصيا، فكيف بالأطفال، بينما هي في الخفاء وهناك على بعد 72 ميلا من عاصمة جنوب السودان
... يا إلهي.. انه أمر فظيع..

مهما أحاول لا يمكن أن أصور شكل الدموع الجافة على وجوه الصغار لا أجد لذلك سبيلا، ولم يكن هناك جنودا كبار السن وهولاء لا يتعدون العشرين من بين المئات من الجنود (الصغار) يساقون كالقطيع تماما يشهد الله على ذلك، وعلى بعد كل مائة (طفل) هناك جندي يوغندي يحث الأطفال بسرعة التحرك، و يضرب أحيانا الطفل في مؤخرته أو ظهره كي يستعجل ولا يبطي، في أجواء غريبة على عالم الطفولة، صوت الدبابات والمجنزرات وهي تتحرك إلى مكان قريب من بداية المعركة، مع صوت أجهزة الاتصالات اللاسلكية،، لحظات من التوجس والترقب والأوامر العسكرية من القادة هنا وهناك بالعجلة، وطقطقة الأسلحة الشخصية كل هذه الضجة تجعل المحارب يعيش في لحظات غريبة، والمحارب أو المقاتل قاب قوسين أو أدنى من الموت،، لحظات صعبة حتى على كبار السن،، فكيف بالأطفال الصغار الذين استخدمهم (الانقاذ) يا د. محمد وقيع الله..!!
تصور يا وقيع الله كم هي مكلفة تلك الحملة التي اقامتها حكومة (الانقاذ) عندما تم خطف أطفال دارفور من قبل منظمة فرنسية..؟؟ تتذكر كيف أن الحكومة السودانية جيشت الإعلام والرجرجة والدهماء وتباكت على الأطفال والطفولة البريئة، وكيف أن التلفزيون السودان جند كل برامجه ضد المنظمة الفرنسية المسكينة لخطفها الأطفال..!!

دارفور وأحداث تشاد
د. محمد وقيع الله لم يعش معنا المرحلة العملية في حياة الحركة الإسلامية التي نعتبرها الميدان الحقيقي للكفاءة والانقياد لأوامر الدين الحنيف، ومرحلة التنظير كانت جميلة وزاهية ولكن ميدان العمل أظهر أننا ضُعاف أمام حقائق الحياة، نعم هناك انجازات مادية ولكنها لا تساوي شيئاً ألبته مع الكوارث والمآسي التي جلبتها (الإنقاذ) للشعب السوداني ومهما حدث من انجازات في نظره ونظر الآخرين لا يمكن أبداً رُؤيتها عندما ننظر إلى كارثة دارفور، أخي وقيع بكل الأمانة والصدق أن قادة (الانقاذ) هم الذين تسببوا في اندلاع شرارة مشكلة دارفور،كنت أعمل في صحيفة (دارفور الجديدة) ليس لي مصلحة في أن أكذب على النظام لكن الحقيقة الساطعة كالشمس أن الذين تذكر انجازاتهم عندما غرتهم الحياة الدنيا لم يتحملوا مطالبة الأهل في دارفور بحقوقهم، فقاموا بضربهم بالطائرات قاذفة اللهب وحرقت بيوتهم، وأظنك طالعت أحاديث د.علي الحاج في صحيفة (الصحافة) في اللقاء الصحفي وكيف أن عنجهية أهلنا الشماليين وعنصريتهم هي التي كبدتنا جميعاً ملايين الضحايا في الجنوب والغرب ومكنت من دخول القوات الدولية بلادنا..!!.
 
أعلى أسفل