الفخر عند الهمباتة { وقفة مع الطيب ود ضحوية }

ضى القمر

:: كــاتبة نشــطة ::

الفخر عند الهمباتة

الهمباتي فخور بشجاعته وإقدامه ، صامد عند الشدائد والملمات حريص ألا يصدر عنه ما يكون وصمة عليه وعلى رفاقه وبناته ومحبوبته وهو دائماً " يطرا " يتذكر محبوبته في مثل هذه المواقف ، فخور بمصاحبة جمله ، معتز بمضاء سيفه وبندقيته .

يحكي لنا الطيب قصة تتبعه لقطيع من الإبل بمنطقة وادي أبو سلم لا راع ولا رقيب لهن" صياب "يريد اقتناصها وطريقه دائماً وعرة المسالك خطيرة " زلقيب " لا يمكن أن يلحق به الجبناء ولا الشجعان ولا يجبن مهما واجه من تحدي :

بـــاري لي بكــــاراً بي اب ســـلم صياب
مطلقــات همل بين الدليـــج والكــــاب
زلقيب دربي أنـــا المنـــو الرجال بتهــاب
ينقطـع اللسان يافاطمــة ابوك إن عــــاب

وفي ابيات اخرى يتحدث عن غزواتهم ويفخر بشجاعته وذيوع صيته في انحاء البلاد كما يفخر
بسباته عند اللقاء:

نــاس أب آمنة شدوهن مع الاوكـــات
عقدو الشـورة من تقلي وعقيدن فـــات
ابوك ياالزينة الخجـّا المديريـــــات
ابوك ياالزينة عكــاز التقيلـة إن جات

وفي الابيات التالية يفتخر بشجاعته واعتماده على بندقيته وحدها :

اتوجهنــا من دار دتـــي* والبقـــارة
وامسى يتاتــي* بالقلعـة ام قرود لايسـارا
واحدين يا أم عــروض مثل التيـوس تتبارا
وواحدين فـازوا بالقصبـة* البتوقد نـــارا
داردتي : غرب السودان
يتاتي : يسير محاولا الاسراع
القصبة : البندقية

الليلــة أم هلال امسـت سراتك تــــارا
واسيــادك جواميــس الردف* والــدارة*
إن حرت صنـاديداً تقابــل الحــارة
وإن بردن نكافيبن سوالـف الســـارة
نكافيبن : أي نكافئ بهن

هم حين يتجشمون المصاعب يفعلون ذلك عن مقدرة وبسالة ، واقيم النوق عندهم الردوف أي التي
يتبعها ثَقبها" الثقب هو بلد الناقة " والدارة " الحامل " التي اوشكت أن تضع حملها ، ومن اجل هذه
النياق يخوضون المعارك الضارية ، فاذا ظفروا بها كان ذلك من نصيب محبوباتهم حيث المتعة واللهو
والانفاق بسخاء ، اما إذا استرجعها اصحابها فلا يعني ذلك انهم ليسوا شجعان .

وعلى طريق ابوحمد حيث تمر القوافل إلى مصر يترصدون القافلة التي تمر عابرة حتى إذا ما التقوا بأصحابها اخذوها عنوة واقتدار:

الولد البجـيب كمـــش النقـو* مُوهيــن
سايم دمـو في وقت الحديث مـطيّن
غصبـاً عنو يـا الساحر نسـوقن بيّن
النوق : النوق ومفردها ناقة

فما أن يفوزوا بغنيمة من الإبل حتى يقتادونها إلى السوق بعيداً عن موطنها الاصلي ، بعيداً عن انظار
الانجليز " الحُكّام " وهنالك يبادر تجار الجمال من عرب العليقات " اسم قبيلة " بالشراء ، اما
غيرهم من الفقراء فوسيلتهم إلى ارضاء محبوباتهم أن يذبحوا لهن الديكة :

واحدين في البيوت بي ديك جداد رضوهن
واحديـن بالخلا والفيافي نفــوهن
بلد الانجليــز عقبنو ماشـافـوهن
وقفن زومـة ياطـه العليقات جوهن

سخريتهم من العاطلين :

كثيراً ما يسخر الشاعر من المتبطلين الراضين بحياة الذل والفقر، مفاخراً اياهم برفاقه الشجعان
واصفاً الهباتي بأنه " الولد " الذي يسري الليالي واضعاً ساقيه واحدة فوق الاخرى على ظهر جمله
" ابو قوائم " ، وهو يحمل قربته " وعاء يوضع فيه الماء يصنع من الجلد المدبوغ " ، كما يحمل
ذلك النوع الفاتك من السلاح " أب كسرة " فشتان ما بينه وبين الخاملين " ناس يمه " الذين لاهم
لهم غير أن يطالبوا امهاتهم بالمزيد من الطعام :

ولداً بطبـق المسـرى فوق المســرى
يخلف ساقـو فـوق ضهـر ابوقوائم ويسـرى
حقـب قربينـو فوق جربانــو خت ابكســرة
فرقــاً شتــى من ناس يمـه زيدي الكســـرة
 
أعلى أسفل