الديموكتاتورية الجديدة في السودان

بكرى سوركناب

:: كاتب نشـــط::
الديموكتاتورية الجديدة في السودان: تأملات أولية
... بقلم: د. عبدالوهاب الأفندي


كنت وبعض الإخوة نتابع التلفزيون السوداني غداة إعلان نتيجة الانتخابات السودانية في شهر أبريل الماضي، حين أتحفنا القائمون عليه باحتفال صاخب باكتساح المؤتمر الوطني لتلك الانتخابات. وكانت البداية أغنية يبدو أنها أعدت خصيصاً لهذه المناسبة، حيث تغنى صاحبها بالمؤتمر الوطني وشدا بمناقبه. كانت هذه الاحتفالية بالنسبة لنا مفاجأة أكبر من مفاجأة اكتساح المؤتمر الوطني لجل مقاعد البرلمان والبرلمانات الولائية بحيث لم يترك لمنافس شيئاً. فقد كان الأمر أشبه بالإعلان عن انقلاب عسكري عبر المارشات العسكرية والأناشيد الوطنية منه بالإعلان عن نتيجة انتخابات كان يفترض فيها أن تمهد لانتقال ديمقراطي من نظام عسكري قابض.
ذلك أنه حتى بافتراض أن هذا الاكتساح كان مبرأ من كل شبهة، فإن فوز حزب معين بالانتخابات في عملية ديمقراطية لا يبرر لهذا الحزب اختطاف الدولة ومؤسساتها من إعلامية وبيروقراطية وأمنية وغيرها، واستخدامها كملكية خاصة يتغنى فيها بفضائله المفترض أنها لا تحتاج لمثل هذا التغني، كون الشعب قد عرفها حين صوت له. بل بالعكس، لا بد من الحفاظ على قومية هذه المؤسسات والمسافة بينها وبين الأحزاب وفئات المجتمع وطوائفه. ومن هذا المنطلق كان يمكن أن يتيح التلفزيون مساحة لأنصار المؤتمر الوطني لكي يعبروا عن سعادتهم بالفوز، ويمكن كذلك أن ينقل في نشراته الأخبارية جانياً من احتفالاتهم بالنصر. ولكن لا يمكن أن تسمح لحزب سياسي بتحويل جهاز قومي–حتى لو لفترة قصيرة- إلى منبر حزبي صارخ.
في نفس الوقت، لا بد كذلك للأجهزة الإعلامية القومية التي يمولها دافع الضرائب من أن تقدم للمشاهد صورة موضوعية لواقع البلاد، وهذا يعني بالضرورة إطلاع المشاهد والمستمع على كل الآراء الموجودة على الساحة السياسية. فإذا كانت غالبية الأحزاب السياسية قاطعت الانتخابات، وإذا كانت تلك الأحزاب التي شاركت تزعم بأن الانتخابات زورت، فلا بد من أن يطلع الجمهور المتابع على هذه الآراء. ولا بأس من أن تتاح الفرصة أيضاً لأنصار المؤتمر الوطني حتى يفندوا هذه المزاعم ويدلون بحجتهم المعضدة لنزاهة الانتخابات وسلامة إجراءاتها، ثم يترك للجمهور بعد ذلك تقييم حجة كل طرف.
ولكن يبدو من الطريق التي أعلن بها الفوز واحتفل به أن المحتفلين لم يكونوا بحال يعتقدون أن ما حدث كان نصراً في عملية ديمقراطية، بل كانت العقلية هي عقلية من حاز على السلطة عنوة واقتداراً. وقد تأكد هذا التوجه مما تبع هذا الاختطاف الحزبي لأجهزة الإعلام القومية مع الضيق بالمساحة الصغيرة المتاحة للإعلام المستقل وشبه المستقل. فلم تمض أسابيع حتى أغار جلاوزة السلطة على صحيفة المؤتمر الشعبي وقيادات الحزب، مصادرة وإغلاقاً واعتقالاً ثم تعنيفاً وقهراً. ثم لم يلبث البطش أن مس صحيفة الحزب الشيوعي ("الميدان")، وأخيراً صحيفة "أجراس الحرية" المقربة من الحركة الشعبية.
هذه تطورات مقلقة، لأنها تسير عكس الاتجاه المتوقع بحسب اتفاقية السلام الشامل والاتفاقيات الأخرى بين الحكومة والمعارضة، وهي اتفاقيات ضمنت المبادئ التي أرستها في الدستور الانتقالي الذي يحكم البلاد حالياً. فهذه الاتفاقيات كلها كانت تؤكد التوجه نحو تحول ديمقراطي من أهم معالمه احترام حقوق وحريات الأفراد والجماعات، وتعامل الدولة مع الجميع على قدم المساواة.
ولكن يبدو أن التحرك الذي تم في أعقاب أبريل لا يمضي في ذلك الاتجاه. وقد جاء التشكيل الوزاري الأخير ليعمق التوجه الانكفائي للنظام، حيث جاءت غالبية الوزارة من عناصر السوبرتنظيم وحوراييهم، إضافة إلى العناصر التي التحقت وتحالفت معهم. فالوزارة اليوم ذات طابع عسكري-تنظيمي بأكثر منها في أعقاب يونيو 1989، بينما ذهب الحديث عن توسيع القاعدة أدراج الرياح. هذا مع العلم بأن توزيع المناصب على الأحزاب والجهات لن يحقق الهدف المرجو من توسيع الدعم الشعبي للنظام، لأن عدد المناصب محدودة على كل حال، ولن يسع كل طلابها. ولكن توسيع القاعدة إنما يتأتى من اتباع قواعد متوافق عليها تحكم عمل الحكومة، بحيث تكون حكومة لخدمة الجميع، وليس فقط من يدخلونها.

مثل هذا التحول لا يمكن أن يتم إلا عبر تبني نظام شفاف خاضع للمساءلة، بحيث تكون جل سياساته ومراحل تنفيذها متاحة ومعلومة لكل من شاء من المواطنين، حتى يتأكد الجميع بأن الحكومة تسعى لخدمة المواطنين بدون تمييز، وتحرص على إنفاق المال العام بما يحقق أفضل العائد للوطن ككل. عند ذلك لن يهتم معظم الناس بمن دخل الوزارة ومن خرج منها. فإذا كان المسؤول هو خادم الشعب وليس مدعي سيادة عليه، فإن ما يهم الشعب أن يكون متولي الخدمة هو أكثر الناس كفاءة. فالمهم هو أداؤه وليس انتماؤه، سياسياً كان أو جهوياً.
ولعل أهم أدوات تحقيق الشفافية هي الإعلام الحر والقوي. فالبرلمانات وغيرها من المؤسسات لا يمكن أن تؤدي دورها بكفاءة ما لم تجد في الإعلام نصيراً. فالنواب عددهم قليل ويمكن أن يستمالوا أو يفسدوا أو يغلب عليهم الولاء الحزبي، والقضاء قد يعجز عن التعامل مع الانحرافات الكبيرة. والأمر كذلك حتى في الديمقراطيات المستقرة. ففضيحة ووترغيت لم تتحول إلى قضية سياسية وقانونية كبرى إلا بعد أن كشف خيوطها الإعلام. وفي بريطانيا لم تتحول قضية نفقات النواب إلى فضيحة أطاحت برءوس عديدة إلا بعد أن نشرت صحيفة الديلي تلغراف تفاصيل التجاوزات الكبيرة التي وقع فيها نواب كثر.
من هنا فإن اتجاه الحكومة الحالية إلى اعتماد برلمان اللون واحد وحكومة الخط الواحد لن تحقق الغرض المرجو، ألا وهو إيجاد حكومة تشعر الغالبية بأن هدفها الأول هو خدمة الشعب لا خدمة الوزراء وحزبهم. وأهم من ذلك، إن تجيير الإعلام القومي حزبياً، وقمع وإسكات الإعلام المستقل سيضع بين الشعب والحكومة جداراً أطول من ذلك القائم فعلاً بسبب تعامل الحكومة مع الشعب بعقلية فوقية تآمرية. إن إشكالية الحكومة الحالية ليست هي فقط أنها بدأت، مثل كل عملية انقلابية، كمؤامرة بين مجموعة صغيرة من المتآمرين، ولكن الإشكالية هي أنها تريد أن تستمر كمؤامرة ولكن بتوسيع عدد المتآمرين، حتى بعد أن أصبحت المؤامرة مكشوفة ولم تعد تنطلي على من كانت المؤامرة عليهم. ولهذا فإن النظام يصرف جزءاً كبيراً من موارد البلاد ومن طاقات أنصاره في تثبيت هيمنة الفئة الحاكمة على حساب كل الاعتبارات الأخرى. ولو أنصف نفسه والناس لما احتاج إلى كل هذا التعب.
لقد ابتكر الدكتور سعد الدين ابراهيم مصطلح "الجملوكية" لوصف الجمهوريات العربية التي تحولت إلى أنظمة ملكية تحكمها أسر الرؤساء إلى أبد الآبدين. وإذا أردنا مصطلحاً يصف الحالة السودانية ونظيراتها في دول مشابهة فلعل صفة "الديموكتاتورية" تكون هي الأقرب، لأنها دكتاتورية تتزيا بزي ديموقراطي، ولكنه زي شفاف فاضح.
 
بكرى سلام
اريتك زين
الغريبه الكيزان ديل وصلوا مرحلة من الكضب
مع الذات؟؟؟ تجاوز مصطلح د سعد
فما علينا سوا المزيد من النضال ؟
بوست موفق
تسلم

 
بكرى سلام
اريتك زين
الغريبه الكيزان ديل وصلوا مرحلة من الكضب
مع الذات؟؟؟ تجاوز مصطلح د سعد
فما علينا سوا المزيد من النضال ؟
بوست موفق
تسلم


اخونا وجارنا العزيز معاوية وينك يا راجل
فعلا وصلوا مرحلة لدرجة انهم يصدقون اكاذيبهم ولكنا لهم بالمرصاد
هناك الكثير المثير فانتظرنى
كل ودى واحترامى
 
لقد ابتكر الدكتور سعد الدين ابراهيم مصطلح "الجملوكية" لوصف الجمهوريات العربية التي تحولت إلى أنظمة ملكية تحكمها أسر الرؤساء إلى أبد الآبدين. وإذا أردنا مصطلحاً يصف الحالة السودانية ونظيراتها في دول مشابهة فلعل صفة "الديموكتاتورية" تكون هي الأقرب، لأنها دكتاتورية تتزيا بزي ديموقراطي، ولكنه زي شفاف فاضح.

الديموكتاتورية هى نتاج طبيعي للخجوقراطية وكليهما انتاج خالص وحصرى للفكر الكيزانى المتأبلس والعياذ بالله .. !!!!
 
بكرى الحبيب

واصل ياخ 00منتظرين

تسلم
معاوية سلامات يا غالى
وشنو ما جايينا قريب هنا ؟؟
والله شغال فى منتديات كتيرة بالاضافة الى بوست الفساد
لكن بوعدك انى ما حانقطع عن البوست ده
الشكر موصول للاخ الفكى على اضافته الثرة
كل ودى وتقديرى واحترامى
 
الحكومات المحترمة هى التى تحترم المؤسسات وتحفظ لها حياديتها ومهنيتها بالدستور
كسرة
قاضى مغمور فى دولة محترمة كامريكا بامكانه ان يلغى قرارا رئاسيا من قمة هرم البيت الابيض وقد كان وامتثل ترامب لهذا القرار ( كراعو فى رقبتو وغصبا عن عين ام اللى خلفوه ) بكل بساطة لانها دولة قانون ومؤسسات ولا قدسية عندهم لشيخ طريقة ولا لحزب حاكم ولا لرئيس .
 
أعلى أسفل