أحمد فرح شادول «العذراء»

يوسف عوض الباري

:: كـاتب نشــط ::

العذراء







و بعد أن تعبت من تعدد السفر

و من تعدد الرحيل

و المرور بالبطاح

و القرى و بالحضر

فكم شددت عدة الرحيل للسفر ..

باحثاً منقباً

عن التي

تقي الفؤاد من نوازل القدر ..

متاعي الوفاء

و الوفاء خير رفقة لوحدة السفر ..

مطيتى العيون

علها تطيق رحلة الخطر ..

حقائبى مليئةً

بكل نادر من النفيس و الدرر ..

مرافئي القلوب

علني أملّ رحلتي فأنتظر

فكم شددت عدة الرحيل للسفر ..

باحثاً منقباً

عن التى

تقى الفؤاد من نوازل القدر ..

و تهت فى مجاهلٍ

ما خاض في خضمها بشر ..

أحببت ألف مرةٍ و مرةٍ بلا حذر

و لم أجد

سوى الخداع .. و الجفاء ..

و الشقاء .. و الكدر ..

لكنني علمت

علمت أن عالم النساء

لا يعرف الوفاء .. لا يعرف الوفاء ..

كأنما الإله

حينما أراد أن يجود

للوجود بالنماء

و حينما أراد خلق أمنا حواء

و بعدها بنات جنسها السواء بالسواء

قد صنَّع الأطراف

من عجينه الخداع و الدهاء

و أكمل التمثال

من عجينه النفاق و الرياء

و بث فيه الروح باستياء

فكانت النساء

..

لذا

أردت أن أعيش واحداً بدنيتى

أذوق حلو طعمها

منعماً و قانعاً بحصتي

عزمت أن أعيش

واحداً بدنيتى

طلقت عالم النساء

ألف طلقةٍ و طلقةٍ و طلقة ..

طلقت عالم النساء

غير نادمٍ .. لقسوتي ..

فذقت طعم دنيتى

مفاخراً .. مفاخراً بوحدتي

و دبّت الحياة في جوانحي

فأكملت سعادتي و بهجتي

و بينما أنا

أغوص في نعيم وحدتي

قابلتها السمراء في طريق عودتي

فحصتها تأمّلاً

فجددت قديم رعشتي

و عندما تقابلت عيوننا

هتفت صائحاً

وجدتها .. وجدتها.. وجدتها أميرتي

هي التي بحثت

في مجاهل الزمان

عن مثيلها لدنيتى

هي التي

أرومها لكي تزيل وحشتي

هى التى .. هى التى .. هى التى .. هى التى

..

و كان أن عرفتها

مشاعلاً تنير ظلمتى

تعارفت قلوبنا

ترابطت نفوسنا

تجددت مسرتى

و كان

أن كتبت في سجل دنيتى

وجدتها رفيقتى

رفيقة الحياة حلوتى

..

أقسمت أن أصونها

و أدمن الرحيل فى عيونها

فهذه نهايتى

علىّ فى الحياة أن أكونها

و هذه أميرتى .. علىّ أن أصونها

أميرها أكون أو سجينها

و كان أن عرفت كلما يجول فى دفينها

عرفت أننى الذى

أزلت وحشة الحياة من سنينها

وأننى الذى

سطعت كوكباً ..

يضئ فى جبينها

و أننى الذى

فتحت قلبها ..

و أننى الوحيد فى سنينها

و أننى .. و أننى و أننى .. و أننى أمينها

..

و مرة قصدتها

محملاً بحبى العنيف فى عرينها

و عندما طرقت بابها

لأنهل الحنان من معينها

أجابنى الصغير عند بابها

بأنها قد بارحت لحينها

و حينها .. فجعت حينها

حينما علمت منه أنه جنينها

و عندها .. ذكرت قولها

بأننى الذى فتحت قلبها

و أننى الوحيد فى سنينها

و أننى .. و أننى و أننى .. و أننى أمينها

و بعدها ..

قفلت راجعاً

لعالم الضياع و الضريح

كتمتها هزيمتى

لعل آخر المطاف ما يريح

أقودها سفينتى

ثقيلةً بغير ريح

أسوقه محطماً

فؤادى الكسيح

و قلتها مواسياً لقلبى الجريح

"يا أيها الجريح

لا تظلم التى حوتك هانئاً لتستريح

لا تظلم التى

حبتك بالحنان فى مجالها الفسيح

فإنها يا أيها الجريح

إنها العذراء في زماننا

و ابنها هو المسيح"
 
أعلى أسفل