محمد أحمد المحجوب «القديم الجديد»

يوسف عوض الباري

:: كـاتب نشــط ::
القديم الجديد


يا للجزيرة أسبلت أهداباً و الموج يرقص حولها منسابا

النيل طوقها و زين جيدها يضفى عليها سندساً و حبابا
كالعاشق المفتون طوق إلفه خوف الفراق و لا يحيرجوابا

ينساب نحو الثغرمتئد الخطى لو عاد من سفر لرق و طابا
تمضى الحياة به و يوسعه النوى فى لجة البحر المريرعذابا

و يثور ثورة ماردغدرت به دنيا الأنام ففارق الأحبابا
لو كان يعلم أن يوم لقائه يوم الفراق تدبرالأسبابا

و قضى الحياةعلى الهضاب و فى الربى بل عاد فى كبد السماء سحابا
ليعود سيرته إلى الأرض التى خلعت عليه المجد و الألقابا

لكن سادر مائه لا ينثنى عن سيره ، أو يستطيع إيابا
و بلجه الفضى ترقص فرحة و تموج أسراب تخال أسرابا

كم عاشقين تعانقوا و تدلهوا و النيل حافظ سرهم يتغابى
و النور من شطيه يعبث بالنهى و يميط عن عطل النحور نقابا

***
يا نيل قد شهدت جمالك أعصر و تفيأت منك الفنون رحابا
متجدد فى كل ومضة خاطر شاب الزمان و لا تزال شبابا

بكرت تغنيك الطيور كأنها رهبان دير ، يرهبون حسابا
و تمايل النخل الطروب كأنه أيد ٍ تلوح .. ترَّقب الأحبابا

و تعانقت فيك الظلال كأنها بسط تهيئ للندىّ شرابا
و افتر ثغر الزهر يلثم برعماً و يفوح عطراً فاتناً خلابا

و ضحكت فى شفة الضفاف فأينعت مهج الحياة زنابقاً ورغابا
و سكبت فى سمع الزمان ملاحماً تروى فيسلب سحرها الألبابا

فاعصر كرومك للظماء تدافعوا مثل الفراش تتابعت أسرابا
ما طاب يوماً مثل وِردك منهل لا زلت أنت المانح الوهابا

و ترعرعت فيك الفنون جميلة و كستك من نور السماء ثيابا
محراب فن لا يلوذ بقدسه إلا الذين تعشقوا المحرابا

شادوا دعائمه بفيض قلوبهم و تناولوا من دنه الأكوابا
عباد شمس لا يغيب نهارهم ذاقوا الحياة رحيقها و الصابا

يبكون للوتر المرنح خشعاً و يرون فى عنت الحياة ثوابا
تصفو مشاربهم ويرقص روحهم و الفن يجمع شملهم أنسابا

يا نيل لا تحزن فحانك عامر و الشاربون تناولوا الأنخابا
نهبوا ملذات الحياة و أقسموا أن يحتسوك مع الصبوح شرابا

يا نيل حبك خالد متجدد ماضيك يلهمنا الجديد كتابا
صفحاتك انتظمت قديم عهودنا و جديدها و الحاضرالوثابا
 
أعلى أسفل