خذوا زينتكم عند كل موكب

الفاتح خليفة

:: كاتب نشـــط::
. (١)
حسناً فعل تجمع المهنيين باصدار بيان داعم لمليونية ٢١ اكتوبر ، عبر صفحتها الرسمية ، فيما يشبه تبنيها للدعوة ، واذ تاتي متاخراً خيرٌ من الا تأتي ، تزكرون ان ثورة ديسمبر المجيدة انطلقت شرارتها وتواصل لهيبها اصلاً بشكلٍ عفويٍ تلقائي من اتون العمق الشعبي وسرعان اجتذبت اليها القوي الحية والفاعلة وكان لتجمع المهنيين قصب السبق في الامساك بدفتها متربعاّ علي كابينتهاً تنظيماً وتوجيهاً نحو غاياتها عبر ذات الصحفة الاسفيرية باسلوبٍ حازق وحصيف ،جعل الثوار يتعلقون باستار الصفحة الثورية يلتزُّون ببهرها وسناها فيما هم يستعدون للمواكب حسب الجداول الزمنية التي تطلقها البيانات الثورية ، وقد استدعت قوة الثورة وعنفوانها القوي السياسية والمدنية والمطلبية التي تواثقت مع تجمع المهنيين علي ما عُرِف باعلان الحرية والتغيير ، وكانت تلك نقطة تحول هائلة في مسيرة الثورة بما توفر لها من غطاء سياسي عريض وحاضنة اجتماعية واسعة بما يشكلانه من رأس الرمح في انجاح الثورات الشعبية
. (٢)

ولما كانت مبادرات الخروج لمليونية ٢١ اكتوبر تتخذ من ذات الدلالة الاستهلالية لثورة ديسمبر المجيدة كمنهج ممتد يجسد الاسبقية الشعبية والتي تجتذب اليها الحركة السياسية والمدنية وسائر القوي الحية ، اذن فان الثورة في شكلها وجوهرها تمضي علي الدرب ذاته دون انحراف وتتخذ السبيل عينه دون انجراف وتعبُر منعطفاتها باستخدام ذات المجداف ، محافِظةً علي دلالتها الاستهلالية ومجسدةً رمزية فجرها البازخ ، اذ يتحتم علينا في اللحظات التاريخية المفصلية ونحن نقف علي اعتاب طرق مفترقة ونكابد علي حافة الشقاق التي تهدد اللحمة الوطنية في جبهتنا الثورية ان نضع الامور في نصابها بعيدةً عن الاجندة الذاتية التي تتقاطع مع الاخر في الرؤي والمناظير وتختلف معه في التصورات والتفاسير ونحن نستقرأ مشهدنا القاتم كقطع الليل بلون الدجي والدياجير
. (٣)
لا يتصور الا ذو خيال مريض ان ثورةً شعبيةً يمكنها ان تصل الي غاياتها دون المرور بتلك المراحل الدراماتيكية الحتمية التي تستصحب معها غطاءها السياسي وحاضنتها المدنية والاجتماعية وقيادة مركزية ذات مراس تتمتع بالخبرة السياسية العميقة والوعي بقيادة الجماهير وتوجيه الحراك الشعبي الي اهداف استراتيجية تعالج جزور الازمة محل الاحتجاجات لا سيما في وجود طرف اخر دائما ما تفرض نفسه في مشهد الثورة متكئاً علي مقدرات الدولة ذاتها العسكرية والمالية واللوجستية التي توفرها القوة البشرية المنظمة تحت امرة الدولة نفسها واعني بذلك الطرف السلطة العسكرية كمعادلة شكلته مقتضي الامر الواقع ، ولا ينكر الا مكابر الدور المحوري الذي لعبته قوي الحرية والتغيير ، ليس في مرحلة قيادة الاحتجاجات فيما قبل سقوط رأس النظام فحسب بل في ادارة اللجاجات مع الطرف العسكري الذي يتحكم علي مقاليد البلاد ويسيطر هو و المليشيا الحليفة معه علي كل مقدرات البلاد بشكل رسمي عبر الدورة الاقتصادية او فوضوي عبر الموارد المُجٓنّبة
. (٤)
بالمقابل لا ينكر الا مكابر بعض السقطات المؤلمة التي وقعت فيها (قحت) في خِضٓم ادارتها للازمة خاصةً فيما بعد مجزرة فض الاعتصام وتداعياتها حتي كادت ان تكون استقلالية القضاء في كف عفريب ، ودماء الشهداء في مهب الريح ولكن مهما يكن من امر قحت ومهما تكن من ملامح الاختطاف وبوادر الانحراف ولكن طالما ان جزوة الثورة لا تزال متقدة وطالما لجان الاحياء ورجال المقاومة لاتزال بألقها وحيويتها وستظل في ظل الوعي والحساسية الثورية التي تكتنفها فلتكن هي اداة التقويم والضغط علي القيادة لا اداة لهدم المعبد الثوري برمته وان تواجه الثورة قيادها بالصعقات الكهربائية التي من شأنها ان تعدل المسار بدلاً من استهدافها بالضربة القاضية اذ من شأن ذلك بالضرورة فتح الابواب والنوافذ للقوي المتربصة بالثورة تحت واجهات ثورية مزيفة وناشطين اسفييريين قذفت بهم الاسافير في واجهة الثوار علي حين غفلة لهم علاقات مريبة مع العسكر منهم من قابل نائب رئيس المجلس العسكري وصرح بذلك علناً ابان الاعتصام المجيد وعبر المنصة الرئيسية
. (٥)
في المشهد قوي ثورية انتبذت ضد كابينة الثورة مكاناً قصياً وظلت تستهدف قطار الثورة وتعوِّق امام قضبانها قضيب السكة المنصوب حتي قبل ظهور سوءات قحت وحاولت اقتسام القاعدة الجماهيرية مع قحت فبرزت اجندتها التسلقية وصولاً الي كابينة القيادة ، المجلس العسكري المحلول الذي ظل يراهن - ابان انفراده بالسلطة الكاملة- علي فشل الحركة السياسية عموماً وعلي تشرزمها وتشققاتها ، لم تيأس حتي الان من هذا الرهان .. العسكر الذي فشل في انتزاع الجماهير من قوي الثورة المدنية واستمالتها نحوه بغية الانقضاض عليها لابد انه -اي العسكر- يراهن الان علي الزمن وعلي نجاح كتائب الظلام في نسج الفتنة التي تهز الثقة بين قيادة قحت وقاعدتها الجماهيرية ..مع تباشير بروز هذه الهزة تستعيد خفافيش. الظلام عافيتها وثقتها بنفسها وتفتح للعسكر شهيته للتربص والسعي نحو الانقضاض وقد بدا جلياً وبلا مراء خروج ازلام النظام المباد من انكفائها القسري ومن عزلتها الجبرية ورفعت عن نفسها الحرج والحياء ودخولها الي المسرح بكامل عافيتها وزينتها تستنفر معها تيارات الاسلام الراديكالية وتأسيس خطاب سياسي خطير لا يبقي ولا يزر
. (٦)
لابد من استنكار التفسيرات العدائية الخاصة بتصورات بعض مكونات قحت حول معالجتها للازمة وحول توجساتها من المتسللين لواذاً في جوقة الثورة من خفافيش الظلام من جهة ومن الثوار الانتهازيين انفسهم امثال (الناشطين الثلاثة) وغيرهم وكل الغبن الذي يشعرون به هو عدم تمنكهم من حجز مقعد قي كابينة القيادة ..التفسير العدائي لاستنتاجات الغير واستقراءاتهم لا يفرز موقفاً موضوعياً ولا مبررا يعتد به في نتائجها الا في صالح الانتكاسة الثورية
 
أعلى أسفل