الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

حسين احمد حسين

:: كاتب نشـــط::
الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

حُبابة

قال الفيلسوف الفرنسى ديكارت: "أنا أُفكِّر، إذاً أنا موجود"، وقال عالم الإجتماع كارل ماركس: "أنا آكل، إذاً أنا موجود"، وقال الشاعر حميد عليه السلام: "وطنى، ولا مَلِى بطنى"، وقال تولستوى: "لن أكون حرَّاً، حتى تموت زوجتى"، وقال زيد وقال عمرو؛ ولكلٍ مقالُهُ فى مقام التحقُّق من وجوده؛ ولا تثريب.

حيثيات

1- ذكرنا فى معرض حديثنا عن حزب العمال والقوى الحديثة السودانى هنا فى الراكوبة الموقرة، ضرورة تقاعد السياسيين عن العمل السياسى إذا بلغوا سن التقاعد عن العمل (60 سنة). ويمكن لأصحاب العقول الطَّلْعةِ بينهم أن يتحولوا إلى استشاريين (حكماء، مفكرين، مجلس شيوخ، مجلس لوردات، إلخ) لإثراء المنطلقات الفكرية التى يستند عليها الحزب؛ وأى حزب.

2- كما أنَّه من الطبيعى أن يتجاوز بعض السياسيين فى سن مبكرة – بنفيلة التثقيف الذاتى – السياسى داخلهم إلى المُكفِّر الذى قد بدأ فى التخلُّق باكراً والإشرئباب. ومع نضج هذا المُفكِّر بمرور الأيام، يبدأ فى الضيق ذرعاً بالمراقبة والتأمين الحزبى واللَّوائح والدساتير والإُطر والسياسة الحزبية المُقيدِّة لحريته. ولما كان من أهم أدوات المُفكِّر هى العقل الحر والتفكير الحر والفضاء الحر، فسرعان ما يبدأ فى التغريد خارج السرب؛ وذلك أمرٌ طبيعى للغاية. وإنَّه من الأمور الطبيعية أيضاً أنْ تطالبهم السياسات الحزبية بالإنصياع للدساتير واللوائح ذات الأهداف السياسية المحددة (غير الفكرية بطبيعة الحال)، وإلاَّ سيتم تسريحهم من الفضاء السياسى إلى فضاء آخر يليق بهم.

والشواهد على هذا الأمر فى التاريخ الإنسانى لا حصر لها، وفى التاريخ السياسى السودانى لا حصر لها أيضاً. فكثير من المخالفين لِأحزابهم غرَّدوا خارجها لا لأنَّهم يُخالفونهم فى الأصل الفكرى، ولكن لأنَّهم أعملوا العقل الحر والتفكير الحر وبدأوا ينشدون فضاءاً حراً. والأمثلة داخل الحزب الشيوعى السودانى كثيرة منها على سبيل المثال: موقف المرحوم عوض عبد الرازق، بروفسير عبد الله على ابراهيم، والمرحوم الخاتم عدلان، ودكتور الشفيع خضر؛ والشيوعيون عموماً فى حالة فعل فكرى دائم، بعضه منصاع للَّوائح وبعضه حر. والأمثلة داخل تنظيم ما يُسمى بالأخوان المسلمين منها على سبيل المثال: موقف بروفسير حسن مكى، وبروفسير الطيب زين العابدين، ودكتور التجانى عبد القادر، والمحبوب عبد السلام، وغيرهم كثير.

وخصوصية الفارق بين الأخوانويين والشيوعيين تكمن فى أنَّ الأخوانوية لا تلفظ بنيها لفظاً بائناً بينونةً كبرى حينما يغردون خارج السرب، وتسمح لهم بالإشتغال بالفكر دون السياسة. أمَّا الشيوعيون فيصل الأمر عندهم إلى مراحل معقدة: كالفصل، وربما الإتهامات بالخيانة وغيرها، واغتيال الشخصية.

3- ولعل من أنصع تجارب الفكاك السلس للمفكر من السياسى فى الرَّاهن السودانى المُعاش والمحسوس هو ما قامت به دُرَّة حزب الأمَّة سابقاً الأستاذة رشا عوض. فما أنْ أدركت نضج المفكر داخلها، عالجت الأمر بمنتهى الإحترافية والصدق بإعلان استقالتها من حزب الأمة، دون أن تخسر إحترامه، وبلا ضجة، وبلا مرارات. ولا ضرر ولا ضِرار فى أن يشتغل حزب الأمة بالسياسة وأنْ تشتغل الأُستاذة رشا عوض بالفكر؛ بل الآن حزب الأمة والوطن بأكمله يستفيد من فكرها الناضج وآرائها السديدة.

ولا أكتمكم القول، أنَّنى كنتُ أتعشَّم أن يحدث ذات الموقف من دكتور الشفيع خضر، ومع الشفيع خضر. وبالطبع فإنْ خَسِر الحزب الشيوعى السودانى الشفيع خضر السياسى، فعليه أن يكسب الشفيع خضر المُفكِّر؛ كأن يستفيد منه ويكسبه فى مجال الفكر المطوِّر للحزب، دون شحناءٍ ولا بغضاء.

4- وكما يعلم الجميع أنَّ الأحزاب مخططات سياسية للوصول للسلطة (شئنا أم أبينا)، وبعضها يعتمد فى ذلك على برماج إجتماعية والبعض منها يستند إلى برامج أيديولوجية، والغالبية تستند إلى الإثنين معاً. بل أبعد من ذلك، فإنَّ كلَّ البرامج الحزبية (إجتماعية أو غيرها) هى عبارة عن أيديولوجيات إلى أنْ تتنزَّل إلى أرض الواقع (فالشيوعية، والإشتراكية، والثورة الوطنية الديموقراطية، والمشروع الحضارى، ونهج الصحوة الإسلامى، وغيرها؛ كلها أيديولوجيات حتى إشعار آخر (فالأيديولوجيا على علاتها مهمة للتعبئة الإجتماعية)).

فإذا استيقظ المُفكر داخل البعض منا، فعليه أن يبتعد عن الأحزاب السياسية بهدوء؛ فالفكر والأيديولوجيا لا يجتمعان. وقد رأينا بأُمِّ أعيننا كيف أنَّ الأيديولوجيا قد صَيَّرتْ ضابطاً عظيماً مثل العقيد أركان حرب عمر حسن أحمد البشير إلى مجرم حرب، وكيف صَيَّرتْ المحامى الضليع على عثمان محمد طه إلى قاتل؛ ودعك عن المهندسيْن صلاح قوش ومحمد عطا.

5- نرجو من هذا الحزب الشيوعى السودانى الذى تعلمنا منه الكثير ونكن له كل الإحترام، أن يفرد فى دستوره ولوائحه حيِّزاً للذين ُيريدون أن يُفكروا خارج خط الحزب دون قطيعة أو فصل. كأن يُبعد العضو عن العمل السياسى بلا فجورٍ فى الخصومة وبلا فجائع، ولكن يظل عضواً بالحزب، وفاعلاً فى المجالات الأخرى الإجتماعية والفكرية والثقافية. وبالتالى دعونا نقول مرحب بالدكتور الشفيع خضر فى أرينة الفكر المطوِّرة لرؤى الحزب، ومرحب بالحزب الشيوعى السودانى فى التمسك بالخط الذى يحقق أهدافه السياسية مسترشداً بأفكار بنيه.

فالحزب يحتاج أعضاءه لا محالة، خاصة أنَّ عضويتَهُ فى تآكل مستمر بسبب بعد الشُقَّة بينه وبين الواقع السودانى بتبنيه لثلاث أيديولوجيات مترادفة (تمسكه بهلام الشيوعية، وباشتراكية منهارة ومندحرة فى الوقت الراهن، وبثورة وطنية ديموقراطية هو متحالف مع أعدائها مرحلياً وتكتيكياً لأكثر من ستة عقود).

لا تدعوا هذا الحزب النبيل أن يتآكل؛ فهو آخر رموز عفة اليد، وآخر رموز الخلاص والوعى، بل والأكثر حرصاً على نصاعة الدين من الذين يتنطعون بالأيديولوجيات الدينية والعقائد المنحرفة؛ وقد جرَّبَهم الشعب السودانى ووجدهم قتلة وفسقة وسارقين وفُسَّادا.

الخلاصة

إذا استمرَّ الحزب الشيوعى السودانى فى لفظ قواه الحية بهذه الوتيرة، مع بقاء فترة السكرتيرين العامين لأكثر من خمسِ سنوات دون تداول لمنبر القيادة، سيصبحُ الحزب الشيوعى السودانى حزباً مُدبراً عن الحياة السياسية فى السودان، مُدبراً عن الفعل الثورى، مُدبراً عن التغيير. ونرجو أن ينتبه الحزب إلى توازن الفئات العمرية داخل لجنته المركزية وقِصر دورتها (أوباما استلم السلطة وعمره 42 سنة، وكذلك ساركوزى، ديفيد كاميرون استلمها وعمره 40 سنة، وزعيم معارضته الأسبق كان عمره 40 سنة أيضاً؛ وعلى ذلك قِسْ).
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

دكتور حسين اخبارك ولينا زمن من كتاباتك الرائعة
لي عودة
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

دكتور حسين اخبارك ولينا زمن من كتاباتك الرائعة
لي عودة

أستاذنا عوض العوض ألف تحية وشكر،
وكل السنة أنت بألف خير، وحبابك وحباب عودتك.
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

إذا قلنا الشيوعية فى السما الثالث،
والإشتراكية فى السما الثانى،
والثورة الوطنية الديموقراطية فى السما الأول،
وعلى الأرض صراع الطبقة؛

أما كان الأجدر بنا تأسيس أحزابنا على معادلة الإنتاج الشهيرة (التى تعكس صراع الطبقات فى الوقت الرَّاهن أكثر مما تعكسه الإشتراكية والشيوعية):

العمال/القوى الحديثة + رجال الأعمال/ روَّاد الأعمال + (عوامل الأنتاج الأخرى التنظيم + الأرض + (...)) = الإنتاج/العملية الإنتاجية/الثورة الوطنية الديموقراطية فى نهاية التحليل.

(لا يوجد حزب للعمال والقوى الحديثة فى السودان) + (هناك 3 أحزاب تمثل الشرائح الرأسمالية فى السودان) + ( هناك 72حزب بورجوازية صغيرة تعتاش بالحديث عن العمال والمسحوقين، وتتحالف مع الشرائح الرأسمالية لتحقيق الأنتاج والعملية الإنتاجية، لإنجاز الثورة الوطنية الديموقراطية فى نهاية التحليل، أىُّ خبل نحن فيه - دعك من الإشتراكية والشيوعية الآن).
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

اسئلة بسيطة

لماذا يخاف الحزب الشيوعي على نفسه وكيانه القديم من فعل الحراك الداخلي ان كان موجودا اصلا او بالاحرى لماذا لا يستجيب الى تطلعات الشباب تطلعات الحاضر الان تطلعات المستقبل هذا السؤال البسيط هو يدور في عقل كل انسان ولكن الاجابة هي صمت وسبات عميق لادارةالحزب ما هي هذه الاسس والتوجهات المعايير الاهداف السياسيات لهذا الحزب الكهل
لماذا يظل الغموض والسواد العظيم هو الاجابة دائما
لماذا لا يتطور هل هذا السؤال الذي دعا الشفيع الى الهروب من هذا السجن العتيق
هل هو نفس السبب الذي جعل عبد الله على ابراهيم يكتب كثيرا منتقدا محدثا موضحا ناقما ونادما في كثير من الاحيان

وانني على يقين ان استمرار الانقاذ في الحكم كل هذه السنوات واحد اهم الاسباب في ذلك هو ضعف الحزب الشيوعي واهترائه وقلة حيلته في مواجهة تنظيم حديث العهد بالنسبة للحزب الشيوعي وتقاعس الحزب الشيوعي عن تطوير الياته و تنظيم بيته ادي ذلك الى تتاثر كل الحياة السياسية السودانية بالشلل والانحطاط لانه تحجر في شخوص وزعامات حية وميتة لانه الحزب الوحيد الذي يفلح فقط في اجترار الذكريات ليس هنالك مستقبل لان المستقبل محتكر بواسطة الكهول الذين يعيشون في السبيعنات والستينات بل في الاربعينات من القرن الماضي فالزمن عندهم قد توقف . وليس هنالك فرق بين ما يطرحه المؤتمر الوطني وما ينادي به الحزب الشيوعي
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

كنت أمل بفكرة جديد لكن دون جدوى لم استشفها مما جولت حوله
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

تحديد سن التقاعد السياسي لا اوافقك عليه: يقول المثل العجوز هو باق لسبب ما....ومشاكل السياسة عويصة تحتاج سنين طويلة من الخبرة
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

الحزب الشيوعي لم يكسب الشفيع مفكرا له كما هو عنوان البوست انما الشفيع حكى سبب فصله والأساليب الغريبة التي مارسها الحزب الشيوعي السوداني وتحدث بجراة عن كيفية الانتخاب العقيمة للسكرتير العام والطريقة العقيمة لادارة الحزب والطريقة العقيمة في إبقاء الحال على ما هو عليه والطريقة العقيمة في التحقيق مع اعضاءه واترك لكم الخطاب الذي ارسله الى مؤتمر الحزب شارحا الظروف والملابسات التي مر بها وهو بالضرورة تعكس مايدور داخل هذا الكيان العتيق
نص رسالة د. الشفيع خضر للمؤتمر السادس للحزب الشيوعى

July 30, 2016

رسالة من الشفيع خضر سعيد إلى المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني

الأعزاء أعضاء المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني…،

تحية طيبة، وأتمنى لمؤتمركم النجاح في كل أعماله.

اسمحوا لي أن أخاطبكم، وعبركم أخاطب الشيوعيين السودانيين، متناولا المواضيع التالية:

(1)

تفنيد حيثيات قرار فصلي من الحزب والتي وردت في خطاب اللجنة المركزية الداخلي:

1- منذ اليوم الأول لدخولي الحزب، قبل 50 عاما، وحتى اللحظة تم التحقيق معي مرة واحدة، وسؤالي مرة، ومناقشتي مرة. والثلاثة مرات هذه، كلها حدثت خلال العام الأخير فقط. في المرة الأولى جاءتني لجنة من المكتب السياسي تحمل ورقة بتوقيع الشفيع تتحدث عن ضرورة وجود مشروع وطني مجمع عليه لإعادة بناء الدولة السودانية، وتقترح تدابير عملية لذلك. ووجهت لي اللجنة سؤالا واحدا فقط: هل انت الذي كتب هذه الورقة؟. أجبت بالنفي لأن الورقة المعروضة علي، والمنشورة بالمناسبة في الإنترنت، بحسب صياغتها لا علاقة لي بها. لكن، ليس خافيا على أحد أني كتبت عشرات المقالات حول هذا الموضوع، ويكاد يكون ثابتا في كل مقابلاتي مع الإعلام، وهو موضوع أراه من صميم خط الحزب وأولويات اطروحاته. حقيقة، حتى هذه اللحظة لا أدري معنى ذلك السؤال، سوى ما وصلني عبر الأصدقاء من أحاديث بعض أعضاء ل.م بأن تلك الورقة هي مانفستو حزب جديد يعمل الشفيع على تأسيسه!!. وفي المرة الثانية، جاءني وفد آخر من المكتب السياسي وقال انه لا يود التحقيق معي ولكن مناقشتي حول ما جاء في مقابلة لي مع صحيفة الجريدة لأني قلت أشياءا فكرية حسمها المؤتمر الخامس، كما ذكرت أن أعدادا كبيرة من الشباب تركت الحزب وهذه قضية داخلية كما انها ليست حقيقية. وبالفعل ناقشتهم موضحا أن القضايا الفكرية المذكورة في الجريدة كانت سردا تاريخيا على ضوء سؤال الصحفي وأن إجابتي للصحيفة أكدت على أن المؤتمر الخامس حسم أمر إسم الحزب. أما موضوع تسرب الشباب من الحزب فهو ليس بالموضوع الداخلي، كما انه حقيقة لا يمكن نكرانها!!. أما المرة الثالثة، فهي المرة الوحيدة للتحقيق معي بواسطة لجنة كلفتها اللجنة المركزية حول البلاغ الخاص بعقد اجتماع خارج الأطر التنظيمية للحزب، وقد جاء تقرير لجنة تقصي الحقائق مبرئا الشفيع والآخرين من تلك التهمة، وهو التقرير الذي رفضته اللجنة المركزية، وفق القصة التي اصبحت مشهورة. وعموما فإن حيثيات فصلي ليس من بينها تهمة عقد اجتماع خارج الأطر التنظيمية للحزب.

وتظل الحقيقة المجردة هي أنه لم يحدث إطلاقا أن تم مواجهتي بأي نقطة من نقاط الحيثيات الواردة في الخطاب الداخلي، وليس هناك أي لجنة تقصي حقائق، أو لجنة مناقشة، قدمت تقريرا بإدانة الشفيع في أي من القضايا، كما أن كل الحيثيات الواردة في الخطاب تم تدبيجها وصياغتها، وربما مناقشتها في ل.م في غيابي وعدم حضوري. وأتحدى اللجنة المركزية أن تثبت عكس ذلك.

وكنت قد ذكرت في التصريح الصحفي يوم 25 يوليو الجاري واقعة إتصال الاستاذ محي الدين الجلاد، عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي بي هاتفيا مساء 8 يوليو الجاري وأنا في القاهرة، حيث قال لي عبر الهاتف: أحدثك بإسم لجنة تحقيق جديدة تود التحقيق معك في بلاغات جديدة، لم يذكرها. فقلت له “خير ولكني خارج السودان، ونشوف الموضوع بعد رجوعي”. فقال “هذا جيد، وسأنقل للجماعة انك موافق على التحقيق معك على ان يتم ذلك فور رجوعك”. وفي يوم 10 يوليو، أي بعد أقل من 48 ساعة من الإتصال الهاتفي، عقد اجتماع اللجنة المركزية وأصدر قرار الفصل…!! ألا تحتاج هذه الواقعة إلى وقفة ؟؟

2- النقطة رقم 1 من الحيثيات تتحدث عن غياب الشفيع المستمر من اجتماعات الهيئات، وأسفاره بدون إذن أو أعذار مقبولة…وهذه فرية بينة إذ أن إدارة ل.م والهيئات التي أعمل فيها على علم بسفري وغياباتي، وعند رجوعي كنت أخطرها إما بالهاتف مع الاستاذ الحارث أو عبر الزميل علي حسن في إدارة المركز. أما الحديث عن خروجي من آخر إجتماع للمكتب السياسي بعد رفض الإجتماعات لأحد إقتراحاتي فهو فرية أخرى وتلفيق.

2- ذكرت النقطة 1 أن الشفيع أساء الزميلين الحارث والخطيب في احدى اجتماعات ل.م. والقصة الحقيقية أني وصفت الاستاذ الحارث التوم بالكذب عندما اقحم حديثا عن “قوات مجد” قال اني ذكرته له في سياق البلاغ حول اتهامات الهيئة المختصة للاستاذ الكنين بصلته بالأمن. وامام هذا المؤتمر أقول إذا كان الحارث يصر على ذاك الحديث فإنني أصر على وصفه بالكاذب. أما الاستاذ الخطيب، وبعد إدعائه بأنني اسعى لإبعاد كادر الحزب من القيادة وأني تكتلت في المؤتمر الخامس، وهو الحديث الذي يكرره الآن في الصحف، وقد جاء حديثه أيضا في سياق دفاعه عن الاستاذ الكنين، فإني قلت له “انك جيت لموقع السكرتير السياسي لا لأنك عبقري زمانك بل نتيجة تكتل معروف”. وأمام المؤتمر أكرر ذات الحديث لسببين، أولهما ان قدرات وأداء الاستاذ الخطيب طيلة الفترة الماضية أثبتت أنه غير مؤهل لتولي هذا المنصب، كما أن إنتخابه جاء عبر تكتل فاضح وفق عدة بلاغات، أشهرها البلاغ المقدم من دكتور اباذر ودكتور مامون، إضافة إلى المسرحية الهزيلة التي تمت في ذلك الاجتماع، والتي يعرفها كل أعضاء ل.م بلا إستثاء. أما الحديث عن خروجي من اجتماع ل.م بلا استئذان فهو فرية أخرى إذ ماذا يعني رفع يدي للمنصة؟ وفسر الخطاب حديثي حول أن لي خيارا آخرا بجملة وضعها بين قوسين (يقصد خيارا بديلا للحزب الشيوعي)….، وحقيقة لا أدري من أين جاء هذا التفسير، وهل هو مجمع عليه من كل أعضاء ل.م، أم أن من بين أعضاء ل.م من لديه القدرات الخارقة في قراءة دواخل الآخر؟ وأليس ممكنا أن يكون الخيار هو الاستقالة من ل.م، وهو فعلا ما كنت أقصده نائيا بنفسي عن قيادة هي من أضعف القيادات في تاريخ الحزب، وكل نتائج أفعالها تشير إلى أنها ستؤدي إلى تصفية الحزب. أشير هنا إلى مثال واحد عندما أقدم الاستاذ فتحي فضل، بالاتفاق مع السكرتير التنظيمي للحزب، الاستاذ علي الكنين، على إرسال رسالة مزورة بإسم السكرتارية المركزية إلى الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا مما تسبب في ازمة بين الحزبين. ولم يحرك المكتب السياسي ساكنا عندما علم بالواقعة إثر شكوى من البروفيسر مصطفى خوجلي سكرتير العلاقات الخارجية.

3- النقطة رقم 2 في الخطاب الداخلي تتهم الشفيع بالحديث في الاعلام عن قضايا فكرية مكانها القنوات الداخلية للحزب. أولا، لا اعتقد ان القضايا الفكرية هي قضايا داخلية، فالماركسية نفسها طرحت علنا قبل تأسيس “القنوات الداخلية”، كما أن القضايا الفكرية تزداد غنى وثراءا بأفكار من هم خارج الحزب. وثانيا، من قال أن هنالك نمطا واحدا لطرح القضايا الفكرية؟ صحيح أن دستور الحزب يحدد كيفية إدارة الصراع الفكري داخل الحزب، لكنه لا يحدد، ولا ينبغي له، كيفية طرح القضايا الفكرية. ومن ناحيتي، فقد ظللت أعبر عن أفكاري المختلفة، علنا في مقالاتي ومقابلاتي مع مختلف وسائط الإعلام، ولم يكن من بين هذه الأفكار الدعوة لتغيير خط الحزب أو تغيير اسمه مثلا. كما لم يحدث أن شهدت اللجنة المركزية سجالا فكريا حول ما أقول به، وإنحصر القول في زميل واحد، قالها مرتين أو ثلاثة، أن مقالات الشفيع ضد خط الحزب. وثالثا، إذا كان المقصود بالقنوات الداخلية مجلة الشيوعي، فلتوضح اللجنة المركزية لماذا يحجم الزملاء عن الكتابة فيها بحيث اصبحت حكرا لمجموعة معينة، بل تم توجيه نقد لإدارتها عدة مرات لأنها تسمح بنشر ما يدخل ضمن باب “القوالات” وقصص القعدات. وإذا كانت الميدان هي من ضمن هذه القنوات الداخلية، فلتوضح اللجنة المركزية للمؤتمر لماذا قررت حجب مقالاتي وعدم نشرها، بدون أي إخطار لي او تفسير.

4- وفي السطر الأخير من النقطة رقم 2 جاء أن الزميل الشفيع اشترك في نشاط إنقسامي..!! نعم إنتهت الجملة هكذا، بدون علامات التعجب فهي مني، في إستخفاف واضح بعقول عضوية الحزب. أين هو هذا النشاط الإنقسامي، وما هي أركانه، وهل تم التحقيق فيه…؟ أم انه صار من الممكن، ولأول مرة في تاريخ الحزب، ان تطرح أخطر قضية تهدد وحدة الحزب، الإنقسام، بمثل هذه البساطة والسذاجة؟

5- تشير النقطة 3 إلى أن الشفيع لعب دورا محوريا في البلاغ الواصل من المصدر والذي يتهم الاستاذ الكنين بالعلاقة مع الأمن، وتقول النقطة أن البلاغ كيدي، ويهدف إلى تقويض أمن الحزب، ويريد أن يصور الحزب أمام جماهيره بأنه مخترق… من جانبي، أسرد الحقائق التالية: أ- البلاغ جاء من هيئة محترمة ظلت موجودة كهيئة، مع تغير الشخوص بسبب الوفاة أو الأسباب الطبيعية الأخرى، منذ عهد الشهيد عبد الخالق، وكان مسؤولا عنها، وعهد الراحل محمد ابراهيم نقد، وكان مسؤولا عنها. تفاصيل نشأة وتركيبة هذه الهيئة هي حقيقة معروفة لدى القادة التاريخيين في ل.م الحالية، لكن كون الهيئة موجودة فهي حقيقة معروفة لكل أعضاء ل.م، تاريخيين وغير تاريخيين، لأنها ظلت تمد المكتب السياسي بمعلومات في غاية الأهمية وبشكل دوري طيلة السنوات الماضية، وظل المكتب السياسي يستخدم هذه المعلومات في تحليلاته وخطابه السياسي ومخاطبات قادة الحزب في الإعلام. ب- الهيئة قررت توصيل البلاغ للقادة التاريخيين في ل.م لأنها متأكدة، حسب إفادة مندوبها، من أن أيا منهم سيتعامل بحكمة مع الموضوع. لذلك أوصلت المعلومة للزملاء سليمان حامد، يوسف حسين، مصطفى خوجلي، والشفيع، كما ارسلتها عبر الصلة التنظيمية للأستاذ الحارث طالبة الحذر في التعامل مع المعلومة وعدم طرحها مباشرة في ل.م لتخوفات من أن ذلك سيصل إلى الآمن. ج- للأسف قررت السكرتارية المركزية طرح الأمر في اجتماع اللجنة المركزية، لا للتحقيق في الموضوع، وانما بإعتبار البلاغ كيدي ولا يستحق التحقيق فيه..!! من قرر ذلك بدون تحقيق؟. ودار نقاش ساخن في اجتماع ل.م انتهى برفض التحقيق ورفض المعلومة بل وقطع الصلة مع الهيئة التي ظلت ترفد على الاقل القيادة الحالية للحزب منذ وفاة الاستاذ نقد بمعلومات هامة….، هكذا بدون تحقيق وبدون تقصي وبمشاركة من اتهمهم البلاغ. ولعمري هذه سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ الحزب. والأدهى والأمر ان اللجنة المركزية أنزلت خطابا داخليا لعضوية الحزب وهي تعلم تماما ان الخطاب سيصل الأمن، وكأنها تنبه الأمن أو أي جهة أخرى للنيل من عضوية الهيئة إذا كانوا يعملون في هذه الجهات؟. د- إذن الشفيع لم يتهم، ولم يحرض، فهو لا علاقة له بهذه الهيئة أو غيرها، ولكنه فقط طالب بالتحقيق في الأمر، وشاركه هذه المطالبة الأستاذ بشرى عبد الكريم، مسؤول المعلومات في اللجنة المركزية، كما شاركته القيادة التاريخية، بينما إعترض بعنف الخطيب والحارث التوم والمتهم نفسه وآخرون، وجاء التصويت لصالح هذا التكتل في ظاهرة غريبة، ليس على التقاليد الحزبية السليمة وتقاليد التأمين، بل غريبة على المنطق نفسه إلا منطق صحة البلاغ ومحاولة حماية مصادر الإختراق. هـ أما ما جاء في أخر النقطة 3 والتي تقرأ ” وتصوير الحزب وكأنه مخترق من الأمن في أجهزته القيادية” فهو أمر مضحك ومبكي في نفس الوقت: فكون الحزب مخترق في قيادته لم يعد مجرد استنتاج يعرفه عضو الحزب ومن هم خارج صفوفه، بل هو قرار من ل.م حيث اقرت أن الحزب مخترق على مستوى القيادة وشكلت لجنة لكشف هذا الإختراق، كما أقر بذلك الأستاذ الكينين في حديث تلفزيوني شهير.

6- تقول النقطة 4 أن الشفيع اجرى اتصالا بالحزب الشيوعي الصيني بهدف إعادة العلاقة بين الحزبين بدون قرار من ل.م، وانه عين شخصا غير شيوعي موجودا في الصين مندوبا لحزبنا لدى الحزب الصيني..! واستنكرت النقطة أن نخلق علاقة مع الحزب الشيوعي الصيني الذي خرج وإنقسم عن الحركة الشيوعية العالمية…!! للأسف هذا حديث خاطئ وبائس في نفس الوقت للأسباب التالية: أولا: منذ تسعينات القرن الماضي ظل حزبنا يبحث عن كيفية إستعادة العلاقة مع الحزب الشيوعي الصيني، وجرت عدة محاولات في هذا الصدد كلها موثقة عند إدارة السكرتارية المركزية واللجنة المركزية. أشير إلى أن ثلاثة من اعضاء اللجنة المركزية الحالية عملوا في إدارة السكرتارية المركزية واللجنة المركزية وهم الأساتذة: عبد الجليل حاج الزاكي، السر بابو، والحارث التوم. ثانيا: مباشرة بعد المؤتمر الخامس، أجازت اللجنة المركزية برنامج عمل مكتب العلاقات الخارجية الجديد والذي كان من أبرز نقاطه العمل على استعادة العلاقة مع الحزب الشيوعي الصيني. وبالتالي فإن العلاقة مع الحزب الصيني هي قرار قديم تجدد بعد المؤتمر الخامس، ولم يختلقه الشفيع. ثالثا: أما تفاصيل محاولات إستعادة العلاقة مع الحزب الصيني فكانت كالآتي: أ- بعد مناقشة مع السكرتارية المركزية، وبتكليف منها لمكتب الخارج في العام 1994، أجرى الراحل التجاني الطيب، مسؤول مكتب الخارج، مناقشة مع الأستاذ الرشيد خلف الله مندوب اتحاد الشباب السوداني في اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي وطلب منه ان يسافر ضمن وفد من اتحاد الشباب العالمي إلى الصين ومحاولة فتح سكة مع الحزب الشيوعي الصيني. وبالفعل سافر الزميل الرشيد الى الصين ونجح في لقاء أحد قيادات الحزب وعقد معه إجتماعا بإسم حزبنا. لكن، وبحسب التقرير الذي قدمه الرشيد، لم يكن المسؤول الصيني متحمسا وابلغ الزميل الرشيد بأن مسالة إستعادة العلاقة بين الحزبين تحتاج إلى وقت. ب- في أسمرا، في العام 2000، إلتقينا، الراحل التجاني وشخصي، بالسفير الصيني في إرتريا ومن ضمن قضايا اللقاء كانت إستعادة العلاقة بين الحزبين، ووعد السفير بالمساعدة في ذلك. ج- في العام 2008، وفي اثناء زيارتنا إلى كوبا، الراحل نقد وشخصي، طلب الراحل نقد من قيادة الحزب الشيوعي الكوبي، والذي علاقته ممتازة بالحزب الصيني، المساعدة في أن نستعيد العلاقة مع الحزب الصيني، فتحمس الكوبيون ووعدوا ببذل مجهود لتحقيق ذلك. د- إبان زيارة الراحل نقد إلى جنوب أفريقيا، طلب من الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا المساعدة في استعادة علاقة حزبنا بالحزب الصيني، فوعدوا بذلك. هـ إثناء اجتماع الأحزاب الشيوعية العالمية رقم 14 ببيروت في العام 2012، سعينا، الأستاذ الخطيب، نعم الخطيب السكرتير السياسي للحزب وليس غيره، وشخصي للقاء وفد الحزب الشيوعي الصيني للمؤتمر ولكنا لم نتمكن بسبب سفره المبكر من بيروت. فوعد الحزب الشيوعي اللبناني، والذي علاقته متينة مع الصينيين، بالمساعدة في ذلك. و- وفي العام 2013، وبعد طرح الأمر في مكتب العلاقات الخارجية، تم الاتفاق أن اواصل المسعى مع الصينيين أثناء زيارتي الخاصة للصين. وبالفعل تم الأمر بمساعدة الشخص المذكور في الخطاب الداخلي، وهو غير شيوعي لكنه صديق قديم للحزب، وقضى في الصين حوالي 20 عاما محاضرا في جامعاتها. أجرى هذا الصديق الاتصالات اللازمة مع قيادة الحزب الصيني وتكللت الاتصالات بالنجاح حيث التقيت سكرتير العلاقات الخارجية في الحزب الصيني، ولم يكن معي هذا الشخص، واتفقنا على ضرورة استعادة العلاقة بين الحزبين، وحدد الجانب الصيني ضابط اتصالهم بينما ذكرت لهم ان ضابط الإتصال من جانب حزبنا ستحدده لجنتا المركزية بعد رجوعي وتقديم تقريري لها. وفي يوم آخر نظم الصينيون حفل عشاء حضره الصديق. ز- بعد عودتي من الصين قدمت تقريرا عن الرحلة أجازه مكتب العلاقات الخارجية وأشاد بالزميل الشفيع، ورفع التقرير إلى المكتب السياسي وظل دون نقاش لمدة ثلاث سنوات، وقدم قبل ثلاثة شهور فقط من اليوم إلى اجتماع اللجنة المركزية، وفي غياب الشفيع الموقوف، لا لمناقشته، بل بإعتباره أحد معروضات جرائم الشفيع، لترفض اللجنة التقرير والعلاقة مع الصين وتكتب خطابا بهذا المعنى إلى الحزب الصيني عبر السفارة الصينية في الخرطوم. رابعا: جاء في النقطة 4 أن الصين منقسمة عن الحركة الشيوعية العالمية وخرجت منها. وهذا، لعمري جهل فاضح ومدهش، ولكن ليس بمستغرب من لجنتنا المركزية هذه. فالحزب الشيوعي الصيني منذ تسعينات القرن الماضي بدأ يستعيد علاقاته مع الأحزاب الشيوعية والحركة الشيوعية العالمية حيث استعاد موقعه فيها في العام 1998، ومن يومها وهو يحرص على المشاركة في اجتماعات الحركة الشيوعية العالمية، وكما ذكرت كان حاضرا في الدورة 14 ببيروت والتي حضرها الاستاذ الخطيب كما اسهبت أعلاه. والحزب الشيوعي الصيني اليوم له علاقات متميزة مع احزاب شيوعية علاقتها متميزة مع الحزب الشيوعي السوداني، كالحزب الشيوعي في جنوب افريقيا، والحزب الشيوعي الكوبي واللبناني والمصري. وفي أبريل من هذا العام عقد في الصين لقاء تفاكري بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب الشيوعية العربية، حضرته كل الأحزاب الشيوعية العربية،و كان الغائب الوحيد هو الحزب الشيوعي السوداني. خامسا: لكن، الفكرة الجوهرية التي تحتاج إلى نقاش حقيقي هي: هل من ضمن تقاليد النضال الحزبي القطيعة والحردان مع هذا الحزب او ذاك بإعتبار أن الدولة التي يحكمها هذا الحزب ذات علاقة طيبة مع الإنقاذ؟ أليس الحردان والقطيعة يعبران عن ضعف فكري وخلل في إتقان فنون العمل السياسي؟ أليس من الافيد إقامة علاقة مع الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بإعتبار حجم دور الصين في السودان وفي افريقيا، وبإعتبار ان الصين عضو دائم في مجلس الأمن الدولي؟ كيف يمكن أن نؤثر على دولة بحجم الصين تشكل حاليا القطب الثاني في مواجهة أمريكا، ونحن نقاطعها ونحرد منها؟ لماذا لم يقاطع حزبنا الحزب الشيوعي السوفييتي عندما كان السوفييت يقيمون علاقات وطيدة مع نظام الفريق عبود بل أن السيد برزنيف زار السودان في تلك الفترة؟ وهل إذا اقمنا علاقة مع الحزب الحاكم في اثيوبيا سنكون قد ارتكبنا جريمة بإعتبار علاقة الإنقاذ مع إثيوبيا؟ أما المزايدة بأن الصين تدعم النظام عسكريا في حربه ضد الحركة الشعبية في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، فهي مجرد طنين أجوف، إذ كيف نفسر العلاقة الوطيدة لدرجة وصفها بالاستراتيجية، والقائمة اليوم بين الحزب الشيوعي الصيني والحركة الشعبية لتحرير السودان/شمال؟ وبالمناسبة فإن الشخص غير الشيوعي المشار إليه في النقطة 4 هو مندوب الحركة الشعبية مع الحزب الشيوعي الصيني وليس مندوبا عينه الشفيع ليمثل الحزب الشيوعي السوداني في الصين.

7- النقطة 5 في الخطاب الداخلي فضيحة أخرى، ويبدو أن المخبر/ة لم يتوخى الدقة، بل بمجرد رؤية السيدة الألمانية مع الشفيع في الورشة المشار إليها في النقطة 5، سارع/ت ورفع/ت بلاغا، وظهر البلاغ من ضمن حيثيات الفصل، علما بأن البلاغ لم يناقش معي ولم يتم التحقيق معي حوله. السيدة الألمانية هي في الحقيقة مشرفة على إعداد كتاب حول حل الأزمات عبر آلية الحوار الوطني، وهي ستورد عدة نماذج في الكتاب منها نموذج تونس ومالي والسودان. وقد طلبت مني المساعدة في كتابة فصل في الكتاب حول الحوار الوطني في السودان، على ان تكون الكتابة أكاديمية وليست سياسية. وبالفعل أعددت مخطوطة بالتعاون مع منظمة شركاء في التنمية التي يديرها الدكتور ابوسن. زارت السيدة المشرفة السودان للإطمئنان على جودة الدراسة، وحرصنا ان تكون زيارتها متزامنة مع ورشة نظمتها منظمة شركاء في التنمية حضرها لفيف من الأكادميين والإعلاميين وكتاب الرأي. عنوان الورشة كان “تساؤلات مشروعة حول الحوار الوطني السوداني” وهو عنوان لاعلاقة له بالعنوان المذكور في النقطة 5 في الخطاب الداخلي. وساهم في ابتدار النقاش وإثراءه في الورشة البروفسر الطيب زين العابدين، البروفسر عطا البطحاني، بروفسر سيد زكي، د.صديق أمبدة، د. مضوي (مشارك في حوار الوثبة)، د. عمار السجاد (مشارك في حوار الوثبة)، العميد عبد العزيز خالد، البروفسر محمد الأمين التوم، بروفسر عجيمي، د. أميرة عوض، د. خالد التجاني، د. الشفيع….، والقائمة تطول. أما الحديث حول أن الشفيع طاف بالسيدة الألمانية على عدد من الأحزاب خاصة أحزاب الوثبة فهو محض كذب ساذج.

(2)

الحزب… وقيادة الحزب

للأسف، فإن الحزب الشيوعي السوداني، يواجه تحديات الوطن والعصر، وهو في حالة أزمة عميقة، بل وفي حالة تدحرج نحو الصفر بلغة علم التكامل في الرياضيات. هذه الأزمة لا ينكرها الا من يحاول نفى الواقع ويستحلى العيش فى الوهم. وأي من الحضور في هذا المؤتمر يمكن أن يعدد مؤشرات وملامح هذه الأزمة، فالجميع يعيشها. وأي من الحضور سيستنتج أن موقع تركز هذه الأزمة هو قيادة الحزب الحالية، والتي اصبحت كسائق العربة فاقد الإتزان، لهذا السبب أو ذاك، مما يهدد سلامة عربته وركابها. إن الحزب، أي حزب، يختنق حد الموت عندما تتفشى في قيادته التكتلات والهيئات الموازية وثغرات الإختراق والمكايدات والقيل والقال والتربص وعدم الإنسجام، وكل ذلك يسبح في بحيرة من الجهل والتجهيل والحسد. ان ظهور هيئات موازية ورفاق في قيادة الحزب ينظرون لبعضهم بغيظ، ويكيدون لبعضهم ويتربصون، هو الطعنة القاتلة لروح الحزب، وهو إغتيال الروح الرفاقية بدم بارد، وهو اللحظة التي سينقشع عندها وهم أن الحزب هو ملتقى طوعي بهدف التفاكر والعمل لمجموعة تربطهم الثقة والمحبة والإخلاص.

منذ انقلاب الجبهة الاسلامية فى 30 يونيو استند خط الحزب على فرضيتين : الاولى انه لا يمكن لفصيل مقاومة النظام وحده، والثانية أن النظام لا يمكن ان يسقط الا بانتفاضة شعبية معززة ومحمية بالسلاح. تبلورت هاتان الفرضيتان خلال ال10 سنوات الاوائل من حكم الانقاذ، حيث تأسس خط التحالفات بشكل اكثر تطورا في التجمع الوطنى الديمقراطى، ورسخ عبر شعار الإنتفاضة المحمية. هل كان هذا الشعار واضحا ومفهوما، ليس في قاعدة الحزب، بل في قيادته أيضا؟ لا أعتقد. ثم بعد النقلة التى احدثتها اتفاقية السلام الشامل تغيٌر خط الحزب الى إنجاح التسوية السياسية (الاتفاقيات) والنضال السلمى الجماهيرى، مبقيا على خط التحالفات. هذه النقلة أيضا لم يتم قتلها بحثا ولم يتم استيعابها من قبل مجموع الحزب، قيادة وعضوية، مع الأخذ في الإعتبار إن الحزب لم يقف على فشل تجربة العمل المسلح. وأعتقد، أن التحولات الدراماتيكية التي حدثت في مسار الواقع السياسي، مثل المستوى الذى احدثته إتفاقية السلام الشامل، كان من المفترض ان يقابل بوقفة مركزية من الحزب…، وهو ما لم يحدث! وحتى بعد ان ارتفعت اصوات المعترضين على دخول البرلمان وظهرت احتجاجات متفرقة على خط التحالفات، لم يقف الحزب وقفة مركزية حيالها. إن انعدام الوقفات المركزية الاساسية للمتابعة والمراجعة والتقييم للنقلات الرئيسية فى خط الحزب جعل الصراع الفكرى يتخذ اشكالا ملتوية ويبتعد عن جوهر الازمة فاختلطت الاسباب والنتائج، وسيطرت على طريقة التفكير ذاكرة النشاط اليومى المبعثرة. فمثلا النقاش الذى سبق المؤتمر الخامس تلخص فى موضوع اسم الحزب الذى تمظهر في هل نبقي على أم نلغي كلمة الشيوعي. وانتخاب سكرتير سياسى جديد تمظهر على طريقة “منو ضد منو”! وهذا ليس مجرد اسقاط لغوى بسيط بل هو مظهر يعكس أحد جوانب جوهر الازمة وهو تمييع القضايا المطروحة للنقاش وسط العضوية، رغم ان الاصطفاف والوحدة فى الحزب يفترض ان تقوم على القضايا الرئيسية، اى على الخط السياسى. مثال آخر: عادة ما يتم أمر معالجة المسائل التنظيمية كالحضور والغياب بشكل مرن وبمنهج سد الفرقة في أي مؤسسة متكاتفة ومتعاضدة العضوية. لكن عندما ترفع اللائحة على أسنة الرماح لمعالجة مثل هذا الامر، علينا ان نبحث عن الاسباب الكامنة وراء ذلك. هذه الحالة من انعدام المثاقفة الفكرية بين الاعضاء، وشح المواعين الديمقراطية الداخلية، أدت إلى تأرجح الاعضاء بين الاشخاص وليس بين افكار محددة ومطروحة بعناية من قبل القيادة لإدارة الصراع الداخلى. وبدورها، قادت هذه الحالة إلى تسرب الكثيرين من الحزب ممن شعروا بأن اصواتهم غير مسموعة، أو المطروح من حلول لا يعبر عنهم، أو استحالة خوض صراع داخلي، كون الصراع الداخلي يتحول بسهولة الى معارك شخصية (شنكلة) أو حالة يخوضها فرد ضد مجموعة حسب الوضع. ربما يقول قائل ان المؤتمر الخامس حسم قضايا الصراع الفكري، وإننا لا نحتاج الى الرجوع الى نقطة البداية. لكني أقول: أولا المؤتمر الخامس لم يحسم أي شيئ، ثم أن القضايا الفكرية لاتنتهى بنقطة على السطر.

(3)

الأعزاء أعضاء المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني،

مجازا، يمكنني القول بأنني ولدت في الحزب الشيوعي السوداني. أما بالفعل، فقد نشأت وتربيت وترعرعت على وقع خطوات الحزب تجاه الحياة و الناس فى بلادى. الحزب الذى ولجت أبوابه طالبا في خواتيم مرحلة صباه، يتفتح على معنى العدالة الاجتماعية والاشتراكية، ويستقى الدروس من رجال لا تدخر الروح دفاعا عن مبدأ. ثم تفرغت للعمل السياسى في الحزب، وأنا طبيب راهن على الافضل، فاختار أن يعالج أسباب المرض بشكل جذرى في منبعه، في المجتمع، بدلا عن مداواة الاجساد الوهنة، أو هكذا تشعبت به الدروب فى عالم السياسة وعالم الحزب. قضيت فى هذا الحزب ما يقترب من الخمسين عاما عضوا، وما يقترب من الأربعين عاما متفرغا. وكل هذه السنوات، هى جزء من السياق التاريخى لهذه الارض: بناء دولة ما بعد الاستقلال، تجسير الهوة بين القيادة والقاعدة / الدولة والشعب، و تثوير الجماهير، صراع اليمين واليسار، الرهان على الجيش، الاستقطاب الحاد دوليا وإقليميا…. شهدت شلالات الدم ومقاومة الدكتاتوريات المتتالية والسجن والاختفاء والسرية، وأعيش الآن خيبات زمن الإنفصال الجارح وحريق الحرب الأهلية. هذا الحزب، زاملت مؤسسيه، رجالا ونساء، كأنبل ما يكون الانسان. وقدمنى هذا الحزب لجماهير شعبنا، ورفعنى إلى موقع القيادة وسط الحركة الجماهيرية. تعلمت الكثير من الرفاق والقادة ومن الانتاج الادبي للمبدعين، وأول الدروس كان الجماهير، نتعلم منها وإليها، لا نخونها، جماهير الشعب السوداني أو غيرها من شعوب العالم، أخدمها من أي موقع أكون فيه، وأعمل علي رفعتها وتفهم متطلباتها ما استطعت الي ذلك سبيلا .

الحزب كان مدخلي إلى السياسة عبر برنامجه الذي يلامس قضايا أكثر فئات الشعب تظلما، ويطرح التنمية المتوازنة، ويعلي من شأن الحرية السياسية، ويقرأ مستقبل السودان على ضوء المتغيرات العالمية ، مسترشدا بالارث النضالي لكل المفكرين الثوريين. وفي أي موقع أكون فيه، لن أفارق خط اليسار الطامح الى تحقيق قيم المساواة و الحرية فى بلادنا ، بل سيكون اسهامى فاعلا فى تقديم التحليل السياسى والحلول، ومقاومة الإستبداد ومخاطر الحرب والانقسامات العرقية والتطرف، ومحاولات جر البلاد فى الاذيال.

لن أنجر أو أنساق خلف شخصنة الصراع ومحاولة تشويه جذوره السياسية والفكرية، وحصره في مجرد قرارات مشبوهة خلف الابواب، وسأمد يدي إلىيكم لمقاومة المخططات التصفوية للحزب، مثلما سأعمل جاهدا مع كل من يهمه مستقبل التغيير والثورة السودانية.

الشفيع خضر سعيد

27 يوليو 2016 .

٢٨ يوليو
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

كنت أمل بفكرة جديد لكن دون جدوى لم استشفها مما جولت حوله

أستاذنا عادل البرارى تحياتى،

فى كتاب دكتور صديق الزيلعى (محرر) الموسوم "هل يُمكن تجديد الحزب الشيوعى السودانى" العديد من الأفكار الجديدة، فأرجو الإطلاع عليه.

مع الشكر.
 
رد: الحزب الشيوعى السودانى يخسر الشفيع خضر السياسى، ويكسب الشفيع المُفكر؛ وفى كلٍ خير.

تحديد سن التقاعد السياسي لا اوافقك عليه: يقول المثل العجوز هو باق لسبب ما....ومشاكل السياسة عويصة تحتاج سنين طويلة من الخبرة

سمسم تحياتى،

العواجيز مدبرون عن الحياة ولن ينتجوا تغييرا، والشباب تقتله هذه الباطرياركية ويقتله طول الأمل (نعوذُ بالله من طول الأمل).

ممنون.
 
أعلى أسفل