بعد ان فرغت من كتابة مقالي السابق (حقيقة اللواط في الإسلام) الذي اناقش فيه كتابا بنفس العنوان للأستاذ فرحات عثمان توقعت ان اواجه برد فعل عنيف بعد نشره ، قمت بنشر المقال على عدد من مجموعات الفيسبوك وعلى عدد من مواقع التواصل الإجتماعي وعلى منتدى حوار صحيفة الراكوبة الإلكترونية ...
الكتاب يناقش قضية المثلية الجنسية من زاويتين ، الزاوية الأولى هي الزاوية الدينية وقد نجح الكاتب في بحثه حول للموضوع ان يثبت ان موقف الدين الإسلامي من المثلية الجنسية مختلف عليه ... وهو ليس اختلاف سلف ضد خلف او تأصيليين ضد تجديديين ، الخلاف ممتد الى كبار التابعين وأصول المذاهب الأربعة ، وهذا يثبت اننا لا نعيش تحت ظل ديكتاتورية الدين الواحد بل في ظل ديكتاتورية الفكر الواحد والطريقة الواحدة داخل الدين الواحد .
اما الزاوية الثانية وهي التي ذكرها الكاتب على عجل ودون تفصيل هي أن العلم وهنا أعني جميع الجهات والمنظمات الطبية المعترف بها دوليا اثبتت ان المثلية الجنسية ليست مرضا ليعالج او اختيارا شخصيا .
بعد ان نشرت المقال تنوعت ردود الأفعال ما بين من نشروا المقال وبين من سجلوا إعجابهم به في صمت ... وما بين من تنوعت تعليقاتهم ما بين تكفير وشتائم ولعنات وما بين من جعلوا هذا المقال بداية مؤامرة عالمية ستوقع علينا غضبا الهيا لا مرد له !
اذا كان الغضب الإلهي لم ينزل لمن يموتون في دارفور فلن ينزل بسبب مقال على الفيسبوك ، فإطمئنوا ...
لامني الكثيرون لأنني كتبت هذا المقال وهناك مواضيع أهم وأكثر الحاحا تحدث في الساحة الآن ، اقتنعت بعد ردود الأفعال التي تلقيتها على المقال انه كان من المفترض ان اكتبه قبل وقت طويل ... لأنه كما كتب كاتب الكتاب في مقدمته ان هذا الموضوع يمثل عقدتنا كمجتمعات تجاه رفض الآخر وممارسة التمييز ضده ، وخصوصا ومع الأسف ان ردود الأفعال هذه جاءت من مثقفين ومن يمتلكون رفاهية الإنترنت والتواصل مع العالم .
فمثلا وصلتني رسائل فيها سؤال : هل انت مسلم ؟
ولا ادري ما علاقة هذا بالمقال او الموضوع ؟! فلو قال لك ملحد ان المتوازيان لا يتقاطعان ابدا فإن ما قاله يظل حقيقة حتى لو كان هذا الملحد بالنسبة لك : (كافرا) ، ونفس المثل ينطبق لو ذكر لك رأيا فقهيا في دينك او حقيقة علمية ... ولكننا تعودنا ان نهاجم الأشخاص حين نعجز عن مناقشة الأطروحات
وهناك الكثير من الذين يقولون : قال الباحثون ... اثبتت الدراسات ... اكتشف العلماء ... ويعجزون عن ارفاق دليل واحد بما يقولون ، ذلك اننا كمجتمعات تنعدم لدينا الأمانة العلمية ولا نقبل بالعلم إلا اذا جاء على هوانا ... فأحدهم سمع اكذوبة مفادها ان العلم يقف في صف فكرته او معتقده ، فيأخذ هذه الأكذوبة كحقيقة مطلقة وينشرها دون ان يتثبت منها ...
اما التكفيريون والشتامون فلم يجدوا عني الا حظرهم وحذف تعليقاتهم
واختم بالتالي لأن هذا الموقف الذي مررت به هو دليل حي على إشكال موقفنا من العلم وعلاقة العلم بالدين ...
كنت قد كتبت مرارا وتكرارا عن الفروقات الجوهرية بين العلم والدين وإستحالة الخلط بينهما ، فهذا قائم على الشك وهذا على اليقين ... والحقيقة العلمية لا تناقش بالآيات والأحاديث والفتاوى ، بل بالبحث العلمي الجاد والمحايد ... فلو اردت ان تثبت ان المثلية الجنسية مرض او اختيار فعليك ان تقوم ببحث علمي ودراسات تثبت بها ما زعمت .
وهذا لا يقتصر على المثلية الجنسية بل يمتد الى جميع نواحي الحياة التي يلعب العلم دورا فيها ، فلو ذكر شخص ما ملاحظة او نظرية او حقيقة علمية في علم السياسة او الإقتصاد ... كأن يلاحظ ان هناك دولا علمانية لا تطبق الشريعة وبها اقل نسب جرائم واننا لا نحتاج حدود الشريعة لمكافحة الحريمة ، وانت تعترض لأنك ترفع شعار الشريعة هي الحل ... فإثبات نظريتك ليست بالآيات والتفاسير والجنة لمن معي والنار لمن هو ضدي وضد ربي !
إننا حين نتحدث عن الدولة فإننا نتحدث عن اهداف ملموسة يمكن تحقيقها بوسائل علمية يمكن قياسها وتحليل نتائجها وتطوير ادواتها ، فإذا كان منطق الدين نجاحنا توفيق وفشلنا ابتلاء فلا مكان لهذا المنطق في العلم ... ونحن لا نتحدث عن اسلام مسلم او نصرانية مسيحي ، نتحدث عن علوم مثل الطب والإقتصاد وغيرهما من العلوم التي تؤثر في حياة كل البشر بالتساوي مهما اختلفت معتقداتهم وطوائفهم .
لذا حين تواجه حقيقة علمية تعارض معتقدك او دينك ... فإقبلها ، لأن العلم يظل حقيقة سواء آمنت به أم لا ، لأن الحقائق العلمية قد تغير الأديان ولكن الحقيقة لا تتغير لدين ، لأننا نحتاج لنعيش في هذه الحياة ان نؤمن بالعلم قبل أن نؤمن بالدين ... فلا فائدة ترجى من دين يصادم الحقائق ويحارب من يدافعون عنها .
وهذه رسالة الى من يدعون انهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ، سواء سموا أنفسهم سلفيين او أنصار سنة او جهاديين او إحيائيين او تجديديين او اي اسم او فصيل آخر ...
أنتم لا تملكون العالم ولا تملكون البشر ، وهنا لا اتحدث عن اختلاف طوائف اسلامية ... اتحدث عن مسيحيين ويهود وبوذيين وملاحدة وغيرهم كثير ... كل هؤلاء وغيرهم لهم الحق في الحياة وفي حرية التعبير ، لا نحن ولا هم سنستجديكم لما هو حق لهم ولنا ولكم ... سنقف في وجه كل ديكتاتور حتى لو ادعى ان الإله في صفه .
ياسر ضحوي
مقال حقيقة اللواط في الإسلام تجدونه على مدونة احرار السودان
liberalsofsudan.blogspot.com
اشتركوا في مجموعة احرار السودان على الفيسبوك
facebook.com/groups/losgroup
الكتاب يناقش قضية المثلية الجنسية من زاويتين ، الزاوية الأولى هي الزاوية الدينية وقد نجح الكاتب في بحثه حول للموضوع ان يثبت ان موقف الدين الإسلامي من المثلية الجنسية مختلف عليه ... وهو ليس اختلاف سلف ضد خلف او تأصيليين ضد تجديديين ، الخلاف ممتد الى كبار التابعين وأصول المذاهب الأربعة ، وهذا يثبت اننا لا نعيش تحت ظل ديكتاتورية الدين الواحد بل في ظل ديكتاتورية الفكر الواحد والطريقة الواحدة داخل الدين الواحد .
اما الزاوية الثانية وهي التي ذكرها الكاتب على عجل ودون تفصيل هي أن العلم وهنا أعني جميع الجهات والمنظمات الطبية المعترف بها دوليا اثبتت ان المثلية الجنسية ليست مرضا ليعالج او اختيارا شخصيا .
بعد ان نشرت المقال تنوعت ردود الأفعال ما بين من نشروا المقال وبين من سجلوا إعجابهم به في صمت ... وما بين من تنوعت تعليقاتهم ما بين تكفير وشتائم ولعنات وما بين من جعلوا هذا المقال بداية مؤامرة عالمية ستوقع علينا غضبا الهيا لا مرد له !
اذا كان الغضب الإلهي لم ينزل لمن يموتون في دارفور فلن ينزل بسبب مقال على الفيسبوك ، فإطمئنوا ...
لامني الكثيرون لأنني كتبت هذا المقال وهناك مواضيع أهم وأكثر الحاحا تحدث في الساحة الآن ، اقتنعت بعد ردود الأفعال التي تلقيتها على المقال انه كان من المفترض ان اكتبه قبل وقت طويل ... لأنه كما كتب كاتب الكتاب في مقدمته ان هذا الموضوع يمثل عقدتنا كمجتمعات تجاه رفض الآخر وممارسة التمييز ضده ، وخصوصا ومع الأسف ان ردود الأفعال هذه جاءت من مثقفين ومن يمتلكون رفاهية الإنترنت والتواصل مع العالم .
فمثلا وصلتني رسائل فيها سؤال : هل انت مسلم ؟
ولا ادري ما علاقة هذا بالمقال او الموضوع ؟! فلو قال لك ملحد ان المتوازيان لا يتقاطعان ابدا فإن ما قاله يظل حقيقة حتى لو كان هذا الملحد بالنسبة لك : (كافرا) ، ونفس المثل ينطبق لو ذكر لك رأيا فقهيا في دينك او حقيقة علمية ... ولكننا تعودنا ان نهاجم الأشخاص حين نعجز عن مناقشة الأطروحات
وهناك الكثير من الذين يقولون : قال الباحثون ... اثبتت الدراسات ... اكتشف العلماء ... ويعجزون عن ارفاق دليل واحد بما يقولون ، ذلك اننا كمجتمعات تنعدم لدينا الأمانة العلمية ولا نقبل بالعلم إلا اذا جاء على هوانا ... فأحدهم سمع اكذوبة مفادها ان العلم يقف في صف فكرته او معتقده ، فيأخذ هذه الأكذوبة كحقيقة مطلقة وينشرها دون ان يتثبت منها ...
اما التكفيريون والشتامون فلم يجدوا عني الا حظرهم وحذف تعليقاتهم
واختم بالتالي لأن هذا الموقف الذي مررت به هو دليل حي على إشكال موقفنا من العلم وعلاقة العلم بالدين ...
كنت قد كتبت مرارا وتكرارا عن الفروقات الجوهرية بين العلم والدين وإستحالة الخلط بينهما ، فهذا قائم على الشك وهذا على اليقين ... والحقيقة العلمية لا تناقش بالآيات والأحاديث والفتاوى ، بل بالبحث العلمي الجاد والمحايد ... فلو اردت ان تثبت ان المثلية الجنسية مرض او اختيار فعليك ان تقوم ببحث علمي ودراسات تثبت بها ما زعمت .
وهذا لا يقتصر على المثلية الجنسية بل يمتد الى جميع نواحي الحياة التي يلعب العلم دورا فيها ، فلو ذكر شخص ما ملاحظة او نظرية او حقيقة علمية في علم السياسة او الإقتصاد ... كأن يلاحظ ان هناك دولا علمانية لا تطبق الشريعة وبها اقل نسب جرائم واننا لا نحتاج حدود الشريعة لمكافحة الحريمة ، وانت تعترض لأنك ترفع شعار الشريعة هي الحل ... فإثبات نظريتك ليست بالآيات والتفاسير والجنة لمن معي والنار لمن هو ضدي وضد ربي !
إننا حين نتحدث عن الدولة فإننا نتحدث عن اهداف ملموسة يمكن تحقيقها بوسائل علمية يمكن قياسها وتحليل نتائجها وتطوير ادواتها ، فإذا كان منطق الدين نجاحنا توفيق وفشلنا ابتلاء فلا مكان لهذا المنطق في العلم ... ونحن لا نتحدث عن اسلام مسلم او نصرانية مسيحي ، نتحدث عن علوم مثل الطب والإقتصاد وغيرهما من العلوم التي تؤثر في حياة كل البشر بالتساوي مهما اختلفت معتقداتهم وطوائفهم .
لذا حين تواجه حقيقة علمية تعارض معتقدك او دينك ... فإقبلها ، لأن العلم يظل حقيقة سواء آمنت به أم لا ، لأن الحقائق العلمية قد تغير الأديان ولكن الحقيقة لا تتغير لدين ، لأننا نحتاج لنعيش في هذه الحياة ان نؤمن بالعلم قبل أن نؤمن بالدين ... فلا فائدة ترجى من دين يصادم الحقائق ويحارب من يدافعون عنها .
وهذه رسالة الى من يدعون انهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ، سواء سموا أنفسهم سلفيين او أنصار سنة او جهاديين او إحيائيين او تجديديين او اي اسم او فصيل آخر ...
أنتم لا تملكون العالم ولا تملكون البشر ، وهنا لا اتحدث عن اختلاف طوائف اسلامية ... اتحدث عن مسيحيين ويهود وبوذيين وملاحدة وغيرهم كثير ... كل هؤلاء وغيرهم لهم الحق في الحياة وفي حرية التعبير ، لا نحن ولا هم سنستجديكم لما هو حق لهم ولنا ولكم ... سنقف في وجه كل ديكتاتور حتى لو ادعى ان الإله في صفه .
ياسر ضحوي
مقال حقيقة اللواط في الإسلام تجدونه على مدونة احرار السودان
liberalsofsudan.blogspot.com
اشتركوا في مجموعة احرار السودان على الفيسبوك
facebook.com/groups/losgroup